الآلام البطنيَّة المزمنة والمُعاودة

حسبJonathan Gotfried, MD, Lewis Katz School of Medicine at Temple University
تمت مراجعته جمادى الآخرة 1443

الألم البطني المزمن هو الألم الذي يستمرُّ لأكثر من 3 أشهر.فقد يكون مستمرًّا بشكلٍ دائم (مزمن) أو قد يأتي ويذهب (مُعاوِد).تبدأ آلام البطن المزمنة عادة عند الأطفال بعد سن 5 سنوات.يُعاني حوالى 10 - 15٪ من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 - 16 عامًا، وخصوصًا أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 8 - 12 عامًا، من الآلام البَطنيَّة المزمنة أو المُعاودة.وتكون أكثر شُيُوعًا إلى حدٍّ ما عند الفتيات.كما يُعدُّ ألم البطن المزمن شائعًا بين البالغين، حيث يُصيب النِّساء أكثر من الرجال.

وقد تكون عند الأشخاص الذين يعانون من ألَم البَطن المزمن أعراضٌ أخرى أيضًا، وذلك بحسب السبب.

الأسباب

يقوم الأطبَّاء عادةً بتقييم حالة الأشخاص خلال فترة معاناتهم من ألم البطن المستمرِّ منذ 3 أشهر أو أكثر، ويجري التَّعرُّف إلى الاضطرابات النموذجيَّة المُسبِّبة لألم البطن ( انظر ألم البطن الحاد).فإذا جَرَى التقييم دون تحديد السبب خلال هذه الفترة، فإنَّ حَوالى 10% منهم فقط يكونون مصابين باضطرابٍ جسديٍّ معيَّن ( انظر جدول: الأَسبَاب والملامح الجسديَّة لألم البطن المزمن).أما النسبة المتبقية 90٪ فيعانون من متلازمة الألم البطني المتواسطة مركزيًا (المعروفة سابقًا باسم ألم البطن الوظيفي).

تُسبب متلازمة الألم البطني المتواسطة مركزيًا ألمًا حقيقيًا مستمرًا لفترة تزيد عن 6 أشهر وتحدث مع عدم وجود دليل على حدوث اضطرابٍ جسديٍّ معيَّن أو مشكلة هضميَّة أخرى (مثل داء القرحة الهضميَّة).كما أنه لا يرتبط أيضًا بتناول عقار أو سُم ولا يغير من العادات المعوية (مثل الإمساك أو الإسهال).عندما يحدث الألم البطني عند الأشخاص الذين تغيَّرت لديهم عادات التَّبرُّز، فإنَّه يُسمَّى مُتلازمة القولون المُتهيِّج.يمكن أن يكون الألم شديدًا ويؤثِّر في حياة الشخص عادةً.ومازال السبب الدَّقيق للشعور بالألم مجهولًا.إلَّا أنَّ أعصاب السبيل الهضمي والمحور الدماغي-المعوي قد تصبح مفرطة الحساسيَّة للأحاسيس (مثل الحركات الطبيعية للجهاز الهضمي)، والتي لا تزعج معظم الأشخاص.وقد تسهمُ العَوامِل الوراثيَّة وضغوط الحياة والعامل الشَّخصي والمواقف الاجتماعية والاضطرابات النفسية الكامنة (مثل الاكتئاب أو القلق) في حدوث الألم.وقد يكون ألم البطن المزمن عند الأطفال مرتبطًا بالحاجة إلى الاهتمام (كما هيَ الحال عند ولادة أخ أو انتقال العائلة) أو الشِّدَّة النفسيَّة النَّاجمة عن بَدء المدرسة أو عدم تحمُّل اللاكتوز أو إساءة معاملة الأطفال في بعض الأحيان.

الأَسبَاب الجسديَّة الشائعة

تُسبِّبُ الكثيرُ من الاضِّطرابات الجسديَّة حدوث ألَم البَطن المزمن ( انظر جدول: الأَسبَاب والملامح الجسديَّة لألم البطن المزمن).وتختلف الأَسبَاب الأكثر شُيُوعًا باختلاف عمر الشخص.

حيث تكون الأَسبَاب الأكثر شُيُوعًا عند الأطفال كما يلي:

بينما تنطوي الأَسبَاب الشائعة عند الشباب على ما يلي:

عند كبار السن، تصبح الإصابة بالسرطان (مثل سرطان المعدة أو البنكرياس أو القولون أو المبيض) أكثرَ شُيُوعًا

التقييم

يُركِّز الأطبَّاء في البداية على ما إذا كان الألم وظيفيًّا أو ناجمًا عن اضطرابٍ أو استعمال دواءٍ أو حدوث تسمُّم.وقد يَصعبُ القيام بهذا التمييز.إلَّا أنَّ وجود علامات التحذير يُقلِّل من احتمال تصنيف الألم كألمٍ وظيفيٍّ (ولكنَّه ليس مستحيلًا).

العَلامات التحذيريَّة

يكون حدوث الأَعرَاض التالية مدعاةً للقلق:

  • حُمَّى

  • نَقص الشَّهية والوزن

  • الألم الذي يوقظ الشخص خلال الليل

  • وجود الدَّم في القيء أو البراز أو البول

  • القيء أو الإسهال الشديد أو المُتكرِّر

  • اليرقان (اصفرار لون الجلد وبياض العينين)

  • تورُّم البطن أو الساقين

  • صعوبة البلع

متى ينبغي زيارة الطبيب

ينبغي على الأشخاص الذين يعانون من ألَم البَطن المزمن مراجعة الطبيب فورَ ظهور علاماتٍ تحذيريَّة، ما لم تكن علامات التحذير مُقتصرةً على نَقص الشَّهية واليرقان والتَّورم.ذلك أنَّه يجب على الأشخاص الذين يعانون من نَقص الشَّهية واليرقان و التَّورُّم أو من ألمٍ مستمرٍّ ومتفاقم؛ أن يُراجعوا الطبيب خلال بضعة أيام .فوجود العلامات التحذيرية يُرجِّح بشكلٍ كبيرٍ أن تكون ناجمةً عن سببٍ جسديٍّ.بينما ينبغي على الأشخاص الذين لم تظهر عندهم علامات تحذيريَّة مراجعة الطبيب لاحقًا، مع أنَّ تأخيرها لبضعة أيَّام أو نحوَ ذلك لا يُسبِّبُ ضررًا.

ما الذي سيقومُ به الطبيب

يقوم الأطبَّاء في البداية بالاستفسار عن أعراض الشخص وتاريخه الصِّحِّي.ثم يقوم الطبيب بإجراء الفحص السريري.غالبًا ما تساعد نتائج الفحص السَّريري ومعرفة التاريخ الصِّحِّي على معرفة سبب الألم وتحديد الاختبارات التي قد يكون من الضروري إجراؤها انظر جدول: الأَسبَاب والملامح الجسديَّة لألم البطن المزمن).

يستفسرالأطبَّاء بشكلٍ خاص عن النشاطات (مثل تناول الطَّعام أو التَّبوُّل أو التَّبرُّز) التي تُخفِّف أو تُفاقم الألم.كما أنَّه من الضروري أن يستفسروا عمَّا إذا كان الألم أو أي اضطراب هضمي آخر يحدث بعد تناول منتجات الألبان أو شربها لأنَّه من الشَّائع حدوث حالة عدم تحمل اللاكتوز، لاسيَّما بين السود والهسبانيين، والآسيويين (خاصة دول شرق آسيا) والهنود الأمريكيين.كما يستفسر الأطباء عن أعراضٍ أخرى (مثل القيء أو الإسهال أو الإمساك) وعن النظام الغذائي وعن جراحات البطن التي سبقَ إجراؤها وعن الأدوية المستعملة و الاختبارات والمُعالجَات السابقة لتدبير الألم.كما أنَّه من الضروري معرفة ما إذا كان أحد أفراد الأسرة يُعاني من اضطراباتٍ تُسبِّبُ ألَم البَطن.

كما يستفسر الأطباء عن النظام الغذائي الذي يتَّبعه الشخص، لأنَّ تناول كميات كبيرة من مشروبات الكولا وعصائر الفاكهة (التي قد تحتوي على كميات كبيرة من السكريات مثل الفركتوز والسوربيتول) أو الأطعمة المنتجة للغاز (مثل الفاصولياء والبصل والملفوف والقرنبيط) قد تُسبِّبَ في بعض الأحيان الشُّعور بألم البطن المُحيِّر.

يُركِّزُ الفَحص السَّريري بشكلٍ خاص على البطن لتحديد وجود مناطق إيلام أو كتل أو أعضاء مُتضخِّمة.يُجرى فحصٌ للمستقيم عادةً، ويوصي الطبيب بإجراء اختباراتٍ للبراز للتَّحرِّي عن الدَّم.كما يُجرى فحصٌ للحوض عند النساء.يتحرَّى الأطباء عن تلوُّن الجلد باللون الأصفر (اليرقان) وعن ظهور طفحٍ جلديٍّ أو حدوث تورُّم في الساقين.

يُطلبُ من الأشخاص في الفترات الفاصلة بين مواعيد المراجعة تسجيل المعلومات المتعلِّقة بالألم والتَّبرُّز والنظام الغذائي والنشاط الذي يبدو أنَّه يُهيِّج الألم وأيِّ علاجاتٍ مُجرَّبة وتأثيرات تلك العلاجات.

الجدول
الجدول

الاختبارات

يوصي الأطبَّاء بإجراء اختباراتٍ مُعيَّنة عادةً.تشمل هذه الاختبارات على تحليل البول والتَّعداد الكامل لخلايا الدَّم واختبارات الدم لتقييم وظائف الكبد والكلى والبنكرياس.كما يُوصى بإجراءتنظير القولون عادةً عند الأشخاص الذين تجاوزت أعمارهم 50 عامًا أو لديهم عوامل خطر للإصابة بسرطان القولون (مثل التاريخ العائلي للمرض).ويُوصي بعض الأطباء بإجراء صورة بالتصوير المقطعي المحوسب للبطن إذا لم يتجاوز الأشخاص سنَّ 50 عامًا، بينما ينتظر أطبَّاءٌ آخرون ظهور أعراضٍ معيَّنة.كما تُجرى اختباراتٌ أخرى وفقًا لنتائج تحري التاريخ الطبي والفَحص السَّريري ( انظر جدول: الأَسبَاب والملامح الجسديَّة لألم البطن المزمن).

حيث تُجرى الاختبارات الإضافية إذا كانت نتائج أحد الاختبارات غير طبيعية أو عند ظهور أعراضٍ جديدة أو عند اكتشاف شذوذات جديدة خلال الفحص.

المُعالجَة

تختلف معالجة الألم البطني باختلاف السبب وباختلاف الأعراض.فمثلًا، بالنسبة للأشخاص المصابين بحالة عدم تحمُّل اللاكتوز، قد يُساعدهم اتِّباع نظامٍ غذائيٍّ خالٍ من اللاكتوز (استبعاد الحليب ومشتقَّات الألبان الأخرى).أمَّا بالنسبة للأشخاص الذين يُعانون من الإمساك، فقد يُفيد استعمال مليِّنٍ لبضعة أيام مع إضافة الألياف إلى النظام الغذائي.

ألم بطني وظيفي

يختلف علاج الألم الوظيفي باختلاف الأعراض ويركِّز على مساعدة الأشخاص على العودة إلى ممارسة الأنشطة اليوميَّة المُعتادة وتقليل الانِزعَاج.وتشتمل المعالجة عادةً على مجموعةٍ من الاستراتيجيات.فقد يكون من الضَّروري مراجعة الطبيب عدَّة مرَّات للوصول إلى أفضل توليفةٍ علاجيَّة.حيث يقوم الأطباء بترتيب مراجعاتٍ متتابعة وفقًا لاحتياجات الأشخاص عادةً.وتستمرُّ المراجعات حتى بعدَ حلِّ المشكلة.

يُؤكِّد الأطبَّاء بعد تشخيص الألم الوظيفي أنَّ الألم ورغم كونه حقيقيًا، ليس ناجمًا عن سببٍ خطير عادةً وأنَّ العوامل الانفعاليَّة (مثل، الشِّدَّة النَّفسيَّة والقلق والاكتئاب) قد تُهيِّج نوبة الألم أو تفاقمها.يحاول الأطبَّاء تجنُّب تكرار الاختبارات بعد فشل الاختبار الشامل في كشف سببٍ جسديٍّ للأعراض.

ورغم عدم وجود علاجات لآلام البطن المزمنة الوظيفيَّة، إلَّا أنَّه تتوفر الكثير من التدابير المفيدة.تعتمد هذه التدابير على علاقة الثقة والتفاهم بين الطبيب والشخص وأفراد عائلة الشخص.حيث يقوم الطبيب بالتوضيح للشخص نتائج المختبر ونتائج الاختبارات الأخرى والتي تُشير إلى أنَّ حالته ليست خطيرة.كما يعمل الأطباء على تشجيع الأشخاص على المشاركة في العمل والمدرسة والنشاطات الاجتماعية.لا تؤدِّي مثل هذه المشاركة إلى تفاقم الحالة، بل تشجِّع الاستقلالية والاعتماد على النَّفس.حيث يكون الأشخاص الذين ينسحبون من ممارسة النشاطات اليومية مُعرَّضين لخطر سيطرة أعراضهم على حياتهم بدلًا من أن يُسيطروا على أعراضهم.

يساعد تغيير النظام الغذائي واستهلاك الأطعمة الغنية بالألياف أو مكملات الألياف على مساعدة بعض الأشخاص.قد يحتاج الأشخاص إلى تجنُّب تناول الأطعمة التي تُسبِّبُ لهم الألم.مثلًا، يجب على بعض الأشخاص تجنُّب تناول كميات كبيرة من الأطعمة التي يصعب هضمها والتي تُنتج الكثير من الغازات وتجنُّب المشروبات الغنيَّة بالسُّكَّر.

وقد جرت محاولاتٌ لاستعمال الكثير من الأدوية ولكنَّ نِسَبَ نجاحها كانت متباينة.وهي تشتمل على الأدوية التي تُقلِّل أو تُوقِف تشنُّج العضلات في الجِّهاز الهضمي (مضادَّات التشنج) وزيت النعناع.

يجري تقليل مصادر الشِّدَّة النَّفسيَّة أو القلق قدرَ الإمكان.يجب أن يتفادى الوالدان وبقيَّة أفراد الأسرة تعزيز الألم من خلال إيلاء الشخص الكثيرَ من الاهتمام.أمَّا إذا استمرَّ شعور الأشخاص بالقلق أو بالاكتئاب مع ملاحظة ارتباطهما بالألم، فقد يوصي الأطبَّاء باستعمال مضادَّات الاكتئاب أو الأدوية التي تُنقصُ القلق.كما قد تُفيد العلاجات التي تساعد الأشخاص على تعديل سلوكهم، مثل التدريب على الاسترخاء والارتجاع البيولوجي والتنويم المغناطيسي؛ على تقليل القلق ومساعدة الأشخاص على تحمُّل ألمهم بشكلٍ أفضل.

وتُعدُّ مساعدة الوالدين للأطفال من الإجراءات الأساسيَّة.ويُنصح الوالدان بتشجيع الطفل على أن يصبح مستقلًّا وأن يُنجزَ مسؤولياته الطبيعية، وخصوصًا واجباته تجاه المدرسة.قد يؤدي منع الطفل من ممارسة النشاطات إلى زيادة قلقه في النهاية.يمكن للوالدين مساعدة الطفل على إدارة الألم خلال ممارسته للأنشطة اليومية من خلال مدحه ومكافأته على سلوكياته المستقلَّة والمسؤولة.فمثلًا، يمكن للوالدين مكافأة الطفل من خلال تخصيصهم لوقتٍ خاصٍّ يقضونه مع الطفل أو الخروج في نزهةٍ خاصَّة.وقد يكون من المفيد إشراك موظَّفي المدرسة.يمكن اتخاذ ترتيباتٍ تسمح للطفل أخذ استراحةٍ محدودة في غرفة التَّمريض خلال اليوم الدراسي، ثم العودة إلى الصف بعد 15 - 30 دقيقة.ويمكن للممرضة أن تسمحَ للطفل بالاتصال بأحد والديه في بعض الأحيان، والذي عليه تشجيع الطفل على البقاء في المدرسة.

النقاط الرئيسية

  • عادةً ما يكون ألم البطن المزمن أو المتكرر متواسط مركزيًا (أي أن الشخص يعاني من ألم ولكن لا يوجد اضطراب جسدي محدد ولا توجد مشكلة أخرى في الجهاز الهضمي).

  • تشتمل الأَعرَاض التي تتطلب رعاية الطبيب الفوريَّة على الحمَّى الشديدة ونَقص الشَّهية أو الوزن والألم الذي يوقِظُ الشخص وظهور الدَّم في البراز أو في البول واليرقان والغثيان واقيء الشَّديدان وصعوبة البلع والتورُّم في الساقين أو البطن.

  • تُجرى اختبارات الدَّم والبول عادة للتَّحرِّي عن الاضطرابات التي قد تُسبِّبُ الألم.

  • لا توجد ضرورةٌ إلى إجراء اختباراتٍ إضافية إلَّا إذا كانت نتائج الاختبار غير طبيعيَّة أو عند ظهور علامات تحذيريَّة أو أعراض لاضطراب معيَّن.

  • تنطوي معالجة الألم المتواسط مركزيًا على تدريب الشخص على تقليل درجة قلقه وشدَّته النفسيَّة والمشاركة في الأنشطة اليوميَّة الطبيعيَّة، وتجربة استعمال مكملات الألياف و/أو الأطعمة الغنية بالألياف، والأدوية التي تحُدُّ من حدوث التشنجات العضلية في السبيل الهضمي أو توقفها، واستعمال الأدوية أو علاجات تعديل السُّلُوك لتخفيف القلق أو تغيير النظام الغذائي في بعض الأحيان.

quizzes_lightbulb_red
Test your KnowledgeTake a Quiz!
iOS ANDROID
iOS ANDROID
iOS ANDROID