داءُ النسيج الضام المختلط هو مصطلحٌ يستخدمه بعضُ الأطباء لوصف اضطرابٍ يتميَّز بملامح الذئبة الحُماميَّة المجموعيَّة والتَّصلُّب المجموعي والتهاب العضلات.
يمكن أن تحدثَ متلازمة رينو وآلام في المَفاصِل وشذوذات جلديَّة مختلفة وضَعف في العضلات ومشاكل في الأعضاء الداخلية.
يعتمد وضعُ التشخيص على الأعراض وعلى نتائج الفحوص الدَّمويَّة للكشف عن مستويات الأجسام المضادَّة المُميَّزة.
تختلف المعالجة باختلاف شدّة الأعراض، وقد تنطوي على استعمال مضادات الالتهاب غير الستيرويدية أو هيدروكسي كلوروكين أو الستيرويدات القشرية أو الأدوية الكابتة للمناعة أو توليفة من هذه الأدوية.
(انظر أيضًا لمحَة عن اضطرابات المناعة الذَّاتيَّة في الأنسجة الضَّامَّة).
يُعدُّ داءُ النسيج الضام المختلط أكثرَ شُيُوعًا بين النساء مقارنةً بالرجال.وهو يحدث في جميع أنحاء العالم، ويُصيبُ الأشخاص من جميع الأعمار، ويبلغ ذروته غالبًا خلال المراهقة والعشرينات.لا يُعرف سببُ داء النسيج الضام المختلط، ولكنَّه أحد أمراض المناعة الذاتية.
أعراض داء النسيج الضام المختلط
© Springer Science+Business Media
تنطوي الأَعرَاضُ المعروفة لمرض النسيج الضام المختلط على متلازمة رينو (التي تُصبح فيها الأصابع شديدةَ الشُّحوب فجأةً مع الشعور بالوخز أو تصبح خدرةً أو زرقاء كردَّة فعلٍ على البرودة أو الانفعال) والتهاب المَفاصِل arthritis وتورُّم اليدين وضعف العضلات وصعوبة البلع وحُرقة الفؤاد وضيق النَّفس.يمكن أن تسبق متلازمة رينو ظهورَ الأعراض الأخرى بعدَّة سنوات.وبِغَضِّ النظر عن كيفية بَدء داء النسيج الضام المختلط، فإنَّه يميل إلى التفاقم، وتنتشر الأعراضُ إلى عدّة أجزاءٍ من الجسم.
© Springer Science+Business Media
قد يظهر طفحٌ جلديٌّ شبيهٌ بالذِّئبة.كما يمكن أن تحدثَ تغيُرات جلديَّةٌ مماثلة للتَّغيُّرات التي تحدث في التَّصلُّب المجموعي، مثل شدِّ جلد الأصابع.وقد يُصبح الشعرُ رقيقًا.
يُعاني كلُّ شخصٍ مُصابٍ بداء النسيج الضام المختلط تقريبًا من وجعٍ في المَفاصِل.ويحدث عندَ حوالى 75٪ من الأشخاص تورُّمٌ وألمٌ نموذجيٌّ لالتهاب المَفاصِل.يُلحِقُ داء النسيج الضام المختلط الضَّرر بألياف العضلات، لذلك قد تُصابُ بالضعف والألم، لاسيَّما في الكتفين والوركين.ويمكن أن يُصبحَ أداء المهام مثل رفع الذراعين فوق الأكتاف وصعود السلالم والنُّهوض عن الكرسي أمرًا شديدَ الصُّعوبة.
تُصابُ الرئتان عند نسبة تصل إلى 75٪ من أشخاص داء النسيج الضام المختلط.وقد يتجمَّع سائلٌ في الرئتين أو في محيطهما.تُصبح وظيفة الرئة غير الطبيعية هي المشكلة الأشدّ خطورة عندَ بعض الأشخاص، حيث تُسبِّبُ ضيقًا في النَّفَس خلال بذل الجهد.أمراض الرئة الخلاليةوالتي تُصيب الأنسجة المحيطة بالأكياس الهوائية في الرئتين (الأسناخ)، وهي من أكثر مشاكل الرئة شيوعًا.ويعدّ ارتفاعُ ضغط الدَّم الرِّئوي، وهو حالة يكون فيها ضغط الدَّم في شرايين الرئتين مرتفعًا بشكلٍ غير طبيعي، السببَ الرئيسيّ للوفاة.
يضعف القلبُ في بعض الأحيان، ممَّا يؤدِّي إلى فشل القلب.يمكن أن تشتملَ أعراضُ فشل القلب على احتباس السوائل وضيق النَّفَُّس والتعب.وتُصابُ الكليتان عند حَوالى 25٪ من الأشخاص، ولكن يكون الضرر خفيفًا مقارنةً بالضرر الذي يُسببه داء الذئبة عادةً.قد تشتمل الأَعرَاضُ الأخرى على الحُمَّى وتورُّم العُقَد اللِّمفِية وألَم البَطن.
ويمكن أن تحدثَ مُتلازمة شوغرن.ومع مرور الوقت، يُعاني معظمُ الأشخاص من أعراضٍ تُشبه بشكلٍ كبيرٍ أعراض الذئبة أو التصلب المجموعي.
تشخيص داء النسيج الضام المختلط
الاختبارات الدَّمويَّة
اختبارات أخرى أحيانًا
يعتمد تشخيصُ داء النسيج الضام المختلط على جميع المعلومات التي يجمعها الأطباء، بما في ذلك الأَعرَاض ونتائج الفَحص السَّريري وجميع نتائج الاختبارات.
يشتبهُ الأطباءُ بداء النسيج الضام المختلط عندما تتداخل أعراض الذئبة والتصلب المجموعي والتهاب العضلات.
تُجرى فحوص الدَّم للتَّحرِّي عن مستويات الأجسام المضادة للنوى ANA والأجسام المضادة للبروتين النووي الريبي RNP، التي توجد عند معظم المصابين بمرض النسيج الضام المختلط.يكون المرضى الذين لديهم مستوى مرتفع من هذه الأجسام المضادة، دون أن تكون لديهم أضداد أخرى ناجمة عن اضطرابات مماثلة، أكثرَ عُرضةً للإصابة بالمرض.ورغم أنَّ نتائج اختبارات الدَّم يمكنها مساعدة الأطباء على وضع تشخيص المرض، إلا أنها لا تستطيع وحدها تأكيد التشخيص النِّهائي لداء النسيج الضام المختلط، لأنَّ الشذوذات التي يكتشفونها تكون موجودة عند الأصحاء أو الذين يعانون من اضطرابات أخرى.
ولتحديد ما إذا كان الأشخاص يُعانون من ارتفاع ضغط الدَّم الرئوي، ينبغي على الأطباء اختبار وظائف الرئة لتقييم حالة الرئتين وتخطيط صدى القلب echocardiography لتقييم حالة القلب.إذا اشتبه الأطباءُ بإصابة أعضاء أخرى، فقد يقومون بفحوصات أخرى، مثل التصوير بالرنين المغناطيسي أو اختزاع العضلات (استئصال جزء من نسيج العضلات لفحصه واختباره)، وذلك للتَّحرِّي عن وجود مشاكل.
مآل داء النسيج الضام المختلط
بشكل عام، يبلغ معدل البقاء على قيد الحياة لمدّة 10 سنوات حوالى 80٪، ولكن المآل يعتمد إلى حد كبير على الأعراض؛فمثلًا، يكون المآل أسوأ عندَ الذين يعانون من أعراض التصلب المجموعي والتهاب العضلات بشكل رئيسي.تنطوي أسبابُ الوفاة على ارتفاع ضغط الدَّم الرئوي (بشكل رئيسي) والفشل الكلوي وداء القلب.
علاج داء النسيج الضام المختلط
مضادَّات الالتهاب غير الستيرويديَّة أو الأدوية المُضادَّة للملاريا أو جرعات منخفضة جدًّا من الستيرويدات القشريَّة لحالات المرض الخفيفة.
الستيرويدات القشريَّة والأدوية الكابتة للمناعة في حالات المرض المتوسِّط إلى الشديد
المُعالجَات الأخرى عندَ الحاجة إلى تدبير أعراض أخرى.
تشبهُ معالجة داء النسيج الضام المختلط مُعالَجَة الذئبة والتَّصلُّب المجموعي والتهاب العضلات المرتبط بالمناعة الذاتيَّة.وتكون الستيرويدات القشريَّة مفيدة عادةً، لاسيَّما عندما يُوضَع تشخيص المرض مبكرًا.يمكن مُعالَجَة الحالات الخفيفة باستخدام الأدوية المضادة للالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs) أو الأدوية المضادَّة للملاريا (هيدروكسي كلوروكوين hydroxychloroquine أو كلوروكين chloroquine) أو باستعمال جرعات زهيدةٍ من الستيرويدات القشريَّة.وتُزاد جرعةُ الستيرويد القشري المطلوبة مع ازدياد شدَّة الدَّاء.وفي الحالات المتوسّطة إلى الشديدة، قد توجد ضرورة لاستعمال الأدوية الكابتة للمناعة (مثل آزويثوبرين azathioprine أو ميثوتريكسات methotrexate أو موفتيل ميكوفينولات mycophenolate mofetil) أيضًا.يحتاج المرضى الذين أُصيبت أعضاؤهم الرئيسيَّة بشكلٍ شديدٍ عادةً إلى جرعاتٍ أعلى من الستيرويدات القشريَّة وإلى أدوية إضافية كابتة للمناعة.
بشكلٍ عام، كلَّما كان المرضُ أكثر تقدمًا ازداد تضرُّر العضو وأصبحت المعالجة أقلَّ فعاليَّة.ومن غير المُرجَّح أن يستجيبَ الضَّرر الشبيه بالتصلُّب المجموعي، الذي أصاب الجلد والمريء، للمعالجة.
يُعالَجُ المصابون بالتهاب العضلات أو التَّصلُّب المجموعي وفقًا للأعراض التي يُعانون منها.كما يُعالج المصابون بمُتلازمة رينو وفقًا لأعراضهم، وقد تُستَعمل حاصرات قنوات الكالسيوم (مثل نيفيديبين) والأدوية التي تزيد جريان الدَّم (مثل سيلدينافيل أو تادالافيل).
يكون المرضى الذين يستعملون الستيرويدات القشريَّة مُعرَّضين لخطر الإصابة بكسورٍ مُتعلِّقة بهشاشة العظام.وللوقاية من هشاشة العظام، يُعطى هؤلاء الأشخاص الأدوية المستخدمة لعلاج هذه الحالة، مثل بيفوسفونات bisphosphonates ومُكمِّلات فيتامين D والكالسيوم.
كما يُعطى الأشخاص الذين يستعملون أدويةً مُثبِّطة للمناعة للوقاية من الإصابة بحالات عدوى، مثل العدوى بفطر Pneumocystis jirovecii (انظر الوقاية من الالتهاب الرئوي عند الأشخاص الذين يعانون من نقص المناعة) واللقاحات المضادة لأنواع العدوى الشائعة مثل الالتهاب الرئوي، والأنفلونزا، وكوفيد-19.
يكون المصابون بمرض النسيج الضام المختلط مُعرَّضين لزيادة خطرٍ الإصابة بـالتَّصلُّب العصيدي، ولذلك تجرِي مراقبتهم بدِقَّةٍ من قبل الأطباء، ويُعالجون من أعراض ومضاعفات مُحددة للتَّصلُّب العصيدي عند حدوثها.
يقوم الأطباء بمراقبة المصابين بداء النسيج الضام المختلط للتَّحرِّي عن إصابتهم بارتفاع ضغط الدَّم الرئوي من خلال القيام باختبار لوظائف الرئة أو تخطيط صدى القلب echocardiography أو كليهما كل عام إلى عامين، وذلك وفقًا للأعراض.