الدَّاءُ الرِّئَوِيُّ الانسداديُ المُزمِن chronic obstructive pulmonary disease هو تضيُّق مستمرّ (انسداد) في المسالك الهوائيَّة، يحدث بالتزامن مع انتفاخ الرئة أو التِهابُ القَصَباتِ الانسدادي المُزمِن أو مع كِلا الاضطرابين.
يعدُّ تدخين السجائر أهمَّ سبب للدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن.
يصاب المرضى بالسعال، ويُعانون في النهاية من ضيق النَّفَس.
يُوضَع التشخيصُ بالأشعَّة السِّينية للصدر واختبارات وظائف الرئة.
من الضروري إيقافُ التدخين والالتزام بالأدوية التي تساعد على إبقاء المسالك الهوائيَّة مفتوحةً.
وقد يحتاج الأشخاصُ المصابون بمرضٍ شديد إلى أخذ أدوية أخرى أو استخدام الأكسجين أو إعادة التأهيل الرئوي، كما يحتاجون في حالاتٍ نادرة إلى جراحة اختزال الحجم الرئوي.
يعاني حَوالى 16 مليون شخص في الولايات المتّحدة من الدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن.ويُعَدّ من الأسباب الشائعة للوفاة، فهو مسؤول عن أكثر من 150,000 وفاة سنويًا.
وعددُ الأشخاص المصابين بالدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن حول العالم في تزايد.تنطوي العَوامِلُ التي تُسهم في الدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن على زيادة التدخين في الكثير من البلدان وفي جميع أنحاء العالم، والتعرّض للسموم من الوقود البيولوجي مثل الخشب والأعشاب.وقد تتزايد معدّلات الوفيات في البلدان غير المُخدّمة بشكل جيد.وبحلول سنة 2030 يُتوقَّع أن يصبح الدَّاءُ الرِّئَوِيُّ الانسداديُ المُزمِن السببَ الرئيسي الثالث للوفاة حول العالم.
يؤدي الدَّاءُ إلى حدوث انخفاضٍ مستمرٍّ في معدّل جريان الهواء من الرئتين عندما يزفر الشخص، وهو ما يسمّى انسداد جريان الهواء المزمن.يشتمل الدَّاءُ الرِّئَوِيُّ الانسداديُ المُزمِن على تشخيصَي التهاب القصبات الانسدادي المزمن chronic obstructive bronchitis والنُّفاخ الرئوي emphysema.ويحدث كِلا الاضطرابين عندَ الكثير من الأشخاص.
يُعرّف التهابُ القصبات المزمن بأنه سعال مُنتج للبلغم أو القشع يستمر لثلاثة أشهر على الأقل خلال سنتين متتاليتين.عندما يتضمَّن التهاب القصبات المزمن انسدادَ جريان الهواء، فإنه يُعَدّ مماثلًا لالتهاب القصبات الانسدادي المزمن.
ويُعرّف انتفاخُ الرئة بأنه تخريب واسع النطاق وغير عكوس للجدران السنخية (الخلايا التي تدعم الأكياس الهوائية، أو الأسناخ، التي تشكل الرئتين) وتضخُّم الكثير من الأسناخ.
يكون التهابُ القصبات الرَّبوِي المزمن مشابهًا لالتهاب القصبات المزمن؛وبالإضافة إلى السُّعال المُنتِج للبلغم، يُصاب الأشخاص بالأزيز وانسداد مجرى الهواء القابل للعكس جزئيًا.ويحدث ذلك عندَ المدخّنين والمصابين بالربو غالبًا.في بعض الحالات، يكون التمييزُ بين التهاب القصبات الانسدادي المزمن والتهاب القصبات الربوي المزمن صعبًا، ومن ثم قد يُشار إلى الحالة باسم مُتلازمة الدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن المتداخل مع الرَّبو asthma COPD overlap.
تحتوي المسالكُ الهوائيَّة الصغيرة (القُصَيبات) في الرئتين على عضلات ملساء، وتبقى مفتوحة بفعل ارتباطها بالجدران السنخية عادةً.وفي حالة النُّفاخ الرئوي، يؤدي تخرّبُ ارتباطات أو مرتكزات الجدار السنخي إلى انخماص القصيبات عندما يزفر الشخص، ممّا يتسبب في حدوث انسداد دائم وغير عكوس في مجرى الهواء.وفي حالة التهاب القصبات المزمن، تتضخَّم الغدد المُبطّنة للمسالك الهوائية الكبيرة (القصبات الهوائية) في الرئتين، وتزيد من إفرازها للمخاط.ويحدث التهابُ القصيبات ويؤدي إلى تقلُّص أو تَشنّج العضلات المُلْس في أنسجة الرئة، مما يُعيق جريانَ الهواء.كما يتسبب الالتهابُ في تورُّم المسالك الهوائيَّة وإنتاج المُفرَزات في داخله، ممَّا يَحدُّ من جريان الهواء.وفي النهاية، تصبح المسالكُ الهوائيَّة الصغيرة في الرئة متضيِّقة ومُخرَّبة.يتَّصف الرَّبو بحدوث انسدادٍ في مجرى الهواء أيضًا.ولكن، وخلافًا لانسداد مجرى الهواء في الدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن، فإن انسداد مجرى الهواء في الربو يمكن عكسُه بشكلٍ كامل عند معظم الأشخاص، بشكٍل تلقائي أو بالمعالجة.
يتسبَّب انسدادُ مجرى الهواء في الدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن في احتباس الهواء في الرئتين بعدَ الزفير الكامل، ويزيد الجهدَ المطلوب للتنفس.كما يتناقص عددُ الشُّعيرات الدَّموية في جدران الأسناخ في الدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن أيضًا.تُضعف هذه الشذوذاتُ تبادل الأكسجين وثاني أكسيد الكربون بين الأسناخ والدَّم.في المراحل الأولى من الدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن، قد تنخفض مستويات الأكسجين في الدَّم، ولكن مستويات ثاني أكسيد الكربون تبقى طبيعية.أمَّا في المراحل المتقدِّمة، فتزداد مستوياتُ ثاني أكسيد الكربون وتنقص مستويات الأكسجين.
شكلت جائحة كوفيد-19 خطرًا خاصًا على المصابين بالدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المُزمِن.تزيد الإصابة بالدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المُزمِن من خطر دخول الشخص إلى المستشفى أو الوفاة بسبب كوفيد-19.ولكن مع ذلك، فقد جرى إدخال الأشخاص المصابين بالدَّاء الرِّئَوِيّ المُسِدّ المُزمِن إلى المستشفى بشكلٍ أقل في أثناء جائحة كوفيد-19 بالمقارنة مع ذي قبل.حيث يُعتقد أن زيادة الاحتياطات المتخذة ضد الإصابة بعدوى في الجهاز التنفسي (على سبيل المثال، ارتداء الكمامات، وتطبيق قواعد التباعد الاجتماعي) كانت السبب وراء انخفاض عدد الأشخاص المصابين بالدَّاء الرِّئَوِيّ المُسِدّ المُزمِن في المستشفى.وربما أن الأشخاص الذين يعانون من أعراض، مثل التظاهر الحاد للداء الرئوي الانسدادي المزمن، قد تجنبوا التوجه إلى أقسام الطوارئ المحلي خوفًا من التقاط العدوى بكوفيد-19.
أسباب الداء الرئوي الانسدادي المزمن
من أهم أَسبَاب الإصابة بالدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن:
تدخين السجائر
يُصاب حوالى 15٪ فقط من المدخنين بالدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن.ومع التقدّم بالعمر يفقد مدخنو السجائر وظائف الرئة بسرعة أكثر من غير المدخنين.تتحسَّن وظائفُ الرئة قليلًا إذا توقّف الأشخاص عن التدخين.ولكن، يعود معدلُ انخفاض وظائف الرئة إلى مُعدَّله عندَ غير المدخنين عندما يتوقفون عن التدخين، ممَّا يؤخر حدوثَ الأعراض وتقدُّمها.يصاب مدخّنو الغليون والسيجار بالدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن أكثر من غير المدخنين في كثير من الاحيان، ولكن ليس بنسبة مدخني السجائر نفسها.ولا يُعرف إن كان تدخينُ الحشيش يُسهم في الإصابة بالدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن.
وقد يؤدي العملُ في بيئة ملوّثة بأبخرة كيميائية أو غبار أو ذات دخان كثيف ناتج عن حرائق الطبخ الداخلية إلى زيادة خطر حدوث الدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن (انظر لمحة عامّة عن أمراض الرئة البيئية).وقد يؤدي التعرّضُ لتلوث الهواء والدخان من مدخني السجائر القريبين (التعرّض السلبي أو المباشر للتدخين) إلى حدوث نوبات عند الأشخاص المصابين بالدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن، ولكن على الأرجح لا يتسبّب في حدوث الدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن.
يصيب الدَّاءُ الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن في كثير من الأحيان بعضَ العائلات، لذلك قد يكون هناك ميلٌ وراثي في بعض الأشخاص.
وأحدُ الأَسبَاب النادرة للإصابة بالدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن هو حالة وراثية لا يُنتج فيها الجسمُ ما يكفي من البروتين ألفا 1-أنتي تريبسين antitrypsin alpha-1.والدورُ الرئيسي لهذا البروتين هو منع إنزيم إيلاستاز العدِلات neutrophil elastase (إنزيم يوجد في بعض كريّات الدم البيض) من إلحاق الضرر بالأسناخ.ونتيجةً لذلك، يظهر النُفاخُ الرئوي مُبكِّرًا في منتصف العمر عندَ الأشخاص الذين يعانون من نقص حاد في ألفا 1-أنتي تريبسين (ويسمَّى أيضًا نقص مثبِّط مضاد البروتياز ألفا1)، لاسيَّما عندَ الأشخاص الذين يُدخِّنون أيضًا.
أعراض الداء الرئوي الانسدادي المزمن
يستغرق حدوثُ الدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن وتقدُّمه عدَّة سنوات.
الدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن المبكِّر
يحدث سعالٌ خفيفٌ منتج لبلغمٍ شفَّافٍ خلال الأربعينات أو الخمسينات من العمر عندَ الأشخاص المصابين بالدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن.يتفاقم السعالُ وإنتاج البلغم عادةً عندما يستيقظ الشخصُ من النوم وينهض صباحًا.وقد يستمرّ السعالُ وإنتاج البلغم طوالَ اليوم.
كما قد يحدث ضيقٌ في النَّفُّس في أثناء بذل الجهد.يعتقد الأشخاصُ في البداية أنَّ الشيخوخة أو سوء الحالة الجسدية هي السبب غالبًا، ونتيجة لذلك يميلون إلى تقليل نشاطهم الجسدي كردَّة فعل.وفي بعض الأحيان، يظهر ضيقُ النَّفَس في البداية عندما يكون الشخصُ مصابًا بعدوى في الرئة فقط (التهاب القصبات عادةً)، وخلال هذه الفترة يسعل الشخص كثيرًا وتزداد لديه كمية البلغم أو القشع.غالبًا ما يتغير لونُ البلغم من الشفاف أو الأبيض إلى اللونِ الأصفر أو الأخضر.
تفاقُم الدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن
عندما يصل الأشخاص المصابون بالدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن إلى وسط أو نهاية الستينات من العمر، وخاصةً إن كانوا لا يزالون يدخنون، يصبح ضيقُ النفس لديهم في أثناء بذل الجهد متعبًا أكثر.
ويحدث الالتهابُ الرئوي وحالات العدوى الرئوية الأخرى بشكل أكبر؛حيث تؤدي العدوى إلى حدوث ضيق شديد في النَّفس حتى في أثناء راحة الشخص وقد يتطلب دخولَ المستشفى.وقد يستمرّ ضيقُ النَّفس بالظهور في أثناء ممارسة النشاطات اليومية وبعد أن يتعافى الشخص من عدوى الرئة، ويظهر مثلًا عندَ استخدام دورات المياه والغسيل وارتداء الملابس وفي أثناء النشاط الجنسي.
ويعاني حوالى ثلث الأشخاص المُصابين بالدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن الشديد من نَقصٍ شديدٍ في الوَزن.وسببُ نَقص الوَزن هذا غير واضح، وقد تختلف الأَسبَاب باختلاف الأشخاص.تشمل الأَسبَابُ المحتملة على ضيق النَّفَس الذي يجعل تناول الطعام أمرًا صعبًا وزيادة مستويات مادة تسمَّى عامل نخر الورم في الدَّم.
وقد يحدث نفث الدم عندَ المرضى المصابين بالدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن الدَّمَ بشكل متقطع، وهو ما ينجم عن التهاب القصبات عادةً، ولكنه يثير القلق دائمًا من احتمال وجود إصابةٍ بسرطان الرئة.
وقد يحدث الصُّدَاعُ في الصباح، لأنّ التنفس ينقص في أثناء النوم، ممَّا يؤدي إلى زيادة احتباس ثاني أكسيد الكربون وانخفاض مستويات الأكسجين في الدَّم.
ومع تفاقم الدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن، يحدث عندَ بعض الأشخاص، وخاصة أولئك الذين يعانون من النُفاخ الرئوي، أنماطُ تنفس غير مألوفة؛حيث يقوم بعضُ الأشخاص بالزَّفير من خلال شفاهٍ مزمومة.ويجد آخرون المزيدَ من الراحةً في الوقوف ععلى طاولة ومدّ أذرعتهم ووضع أوزانهم على راحتي أيديهم أو مَرافِقهم، وهي مناورة تعمل على تحسين وظيفة بعض العضلات التنفسية.
وبمرور الوقت، يظهر عندَ الكثير من الأشخاص صدرٌ برميلي barrel chest، حيث يزداد حجم الرئتين نتيجة انحباس الهواء.يمكن لانخفاض مستويات الأكسجين في الدَّم أن يُغيِّر لونَ الجلد إلى الأزرق (الزُرقة).ويُعدُّ تَعَجُّرُ الأصابع نادرًا، يثير الشك بوجود سرطان الرئة أو غيره من الاضطرابات الرئوية.
وقد تتمزَّق المناطقُ الهشة في الرئتين، ممَّا يسمح للهواء بالتسرب من الرئتين إلى الحيِّز الجنبي، وهي حالة تسمى الاسترواح الصدري،تسبِّب هذه الحالة الألم المفاجئ وضيق النَّفس غالبًا، وتتطلّب التدخّل الفوري من قبل الطبيب لسحب الهواء من الحيِّز الجنبي.
نوبة الدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن
نوبة الدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن هي تفاقم للأعراض، مثل حدوث السعال وزيادة البلغم وضيق النَّفَس عادةً.يتغيّر لون البلغم إلى اللون الأصفر أو الأخضر غالبًا، وتحدث حُمَّى وأوجاع جسدية في بعض الأحيان.وقد يحدث ضيقٌ شديدٌ في النَّفُّس في أثناء الراحة، ويمكن أن يحتاج الشخصُ إلى دخول المستشفى.يمكن أن يتسبّب تلوّث الهواء الشديد والمحسِّسات الشائعة وحالات العدوى الفيروسية أو الجرثوميَّة في تحريض الحالة أو تفاقمها.
قد يُصاب الأشخاص في أثناء حدوث النوبة بحالةٍ تهدّد الحياة تسمى الفشل التنفسي الحادّ.ومن الأعراض المحتملة ضيق النَّفس الشديد في (شعور يشبه الغرق) والقلق الشديد والتعرّق والزُّرقة والتخليط الذهني.
مُضَاعَفاتُ الدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن
إذا لم تُعالج مستويات الأكسجين المنخفضة باستخدام الأكسجين الإضافي، قد تحدث مضاعفات.وإذا لم يُعالج انخفاضُ مستويات الأكسجين في الدم، فإنها تحفز نقي العظم لإرسال المزيد من خلايا الدم الحمر إلى مجرى الدم، وهي حالة تعرف باسم كثرة الكريَّات الثانوية secondary polycythemia (وتسمى كثرة الحُمْر erythrocythemiaأيضًا).كما يسبّب انخفاضُ مستويات الأكسجين في الدم تَضيُّقَ الأوعية الدموية القادمة عن الجانب الأيمن من القلب إلى الرئتين، وبذلك يزداد الضغط في هذه الأوعية.ونتيجةً لزيادة الضغط، الذي يُسمّىارتفاع ضغط الدم الرئوي، يمكن أن يحدث فشل في الجانب الأيمن من القلب (يُسمَّى القلب الرئوي).ويظهر تورّمُ الساقين عندَ الأشخاص المصابين بفشل الجانب الأيمن من القلب.
يسبّب ارتفاعُ مستويات ثاني أكسيد الكربون حموضة الدم (الحُماض التنفُّسي).يشعر المرضى بالنعاس، ويمكن أن يدخلوا في غيبوبة، ويموتوا إذا لم يجرِ تصحيحُ المشكلة.
كما يكون المرضى المُصابون بالدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن مُعرَّضين لخطرٍ مترتفع لحدوث اضطراباتٍ في نظم القلب (اضطرابات النظم arrhythmias).يكون الأشخاص المدخّنون والمصابون بالدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن مُعرَّضين لخطرٍ أكبر للإصابة بسرطان الرئة أكثر من الأشخاص غير المصابين بالدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن ولكنهم يدخنون الكمية نفسها.كما يبدو أنَّ المرضى المصابين بالدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن مُعرَّضون لخطرٍ مرتفع للإصابة بهشاشة العظام والاكتئاب ودَاء الشِّريَان التاجي وهزال العضلات (الضمور) والارتجاع المعدي المريئي.ومع ذلك، لا يمكن تحديدُ ما إذا كانت المخاطر تزداد بسبب الدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن أو بسبب عوامل أخرى.
تشخيص الداء الرئوي الانسدادي المزمن
الأشعَّة السِّينية للصدر
اختبارات وظائف الرئة
يشخص الأطباء التهاب القصبات المزمن استنادًا إلى تاريخ الشخص للإصابة بالسعال المديد المنتج الذي استمر لمدة 3 أشهر على الأقل خلال عامين متتاليين بعد استبعاد الأسباب الأخرى للسعال المزمن.
ويُوضع تشخيصُ النُفاخ الرئوي اعتمادًا على نتائج الفحص السريري ونتائج اختبارات وظائف الرئة.ولكن، في الوقت الذي يلاحظ فيه الطبيبُ هذه الشذوذات، يصبح النُفاخ الرئوي شديدًا إلى حدٍ ما.وقد تساعد نتائجُ الأشعَّة السِّينية للصدر أو التصوير المقطعي المحوسب (CT) للصدر على وضع تشخيص النُفاخ الرئوي، والتهاب القصبات المزمن أحيانًا.وبالنسبة للأطباء، لا يُعَدّ التفريقُ بين التهاب القصبات المزمن والنُفاخ الرئوي أمرًا مهمًا، فغالبًا ما يتزامن حدوث التهاب القصبات المزمن والنُفاخ الرئوي عند الشخص نفسه.أهمّ العوامل المُحددة لكيفية شعور الشخص ووظائفه هي شدة انسداد مجرى الهواء.
يمكن ألَّا يجد الأطباءُ شيئًا غير مألوف في أثناء الفَحص السَّريري في الدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن الخفيف.ولكن مع تفاقم المرض، قد يسمع الأطباء أزيزًا أو يلاحظون انخفاضًا في أصوات التنفس الطبيعية عندَ الاستماع إلى الرئتين باستخدام سماعة الطبيب.كما أنهم قد يلاحظون أنّ الشخصَ يستغرق وقتًا طويلًا ليزفر الهواء الذي شهقه (زفير مطوَّل).وتقلّ حركة الصدر في أثناء التنفس، وقد يستخدم الشخصُ عضلات الرقبة والكتف للتنفس.
تكون الأشعَّة السِّينية للصدر طبيعية عندَ تشخيص الدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن الخفيف عادةً.ولكن مع تفاقم المرض، تُظهر الأشعَّة السِّينية للصدر أنّ الرئتين تحتويان على هواء زائد (انتفاخ مفرط للرئتين).ويشير الانتفاخُ المفرط أو ترقّق الأوعية الدموية أو وجود الأكياس في الرئتين (تسمَّى الفقاعات) إلى وجود النُفاخ الرئوي.
اختباراتُ الوظيفة الرئوية
يمكن للأطباء تقييم انسداد مجرى الهواء عن طريق قياس التنفس الزفيري القسري (اختبارات تقيس كمية وسرعة الهواء الذي يُزفر من الرئتين - انظر اختبار الوظيفة الرئوية).ولتوضيح سبب انسداد مجرى الهواء ووضع التشخيص، يجب ملاحظةُ انخفاض الحدّ الأقصى من الهواء الذي يُزفر في الثانية الواحدة (الحجم الزفيري القسري في الثانية أو FEV1) ونسبة الحجم الزفيري القسري FEV1 إلى كمية الهواء التي يمكن للشخص أن يزفرها من الرئتين بعد أخذ أعمق نَفَس ممكن (السِّعة الحيوية القسرية أو FVC).
ويمكن للأطبّاء قياس كمية الأكسجين في الدم باستخدام جهاز استشعار يُوضَع على الإصبع أو شحمة الأذن (قياس التأكسج النبضي)، أو عن بأخذ عيّنة من الدم من أحد الشرايين (تحليل غازات الدم الشرياني) أو أحد الأوردة.تميل مستوياتُ الأكسجين إلى الانخفاض عند الأشخاص المصابين بالدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن.ويحدث ارتفاع في مستويات ثاني أكسيد الكربون في الشرايين متأخرًا خلال مسار المرض.
يُقاسُ مستوى ألفا 1-أنتي تريبسين في الدَّم للتَّحرِّي عن وجود نقص فيه عند الأشخاص الذي أُصيبوا بالدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن في سنّ مبكرة، وخصوصًا الذين لهم تاريخ عائلي للإصابة بهذا الدَّاء.كما يشتبه بالإصابة بهذا الاضطراب الوراثي عند حدوث الدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن عند أشخاصٍ لم يدخنوا أبدًا.
الاختباراتُ الأخرى
يقوم الأطباءُ أحيانًا بإجراء اختبارات الوظيفة القلبية باستخدام تخطيط كهربية القلب (ECG) أو تخطيط صدى القلب لضمان عدم تسبّب أحد الاضطرابات القلبية في ضيق النفس.
وقد يُجري الأطباء اختبارات أخرى للتَّحرِّي عن اضطرابات أخرى يمكن أن تسبّب الأعراض لدى الشخص.
الاختبارات خلال نوبات الدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن
عندما يُعاني الأشخاص من نوبة للدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن، غالبًا ما يستخدم الأطباء قياسات غازات الدَّم لتحديد كمية الأكسجين وثاني أكسيد الكربون في الدم.كما يمكن أن يطلب الأطباء تصويرَ الصدر بالأشعَّة السينيَّة للتحرِّي عَن دليلٍ على عَدوى في الرئتين؛فإذا اشتبهوا في عدوى في الرئة، وخصوصًا إذا كانت النوبة شديدة بما فيه الكفاية لعلاج الشخص في المستشفى، يُجْرون اختبارات إضافية لتحديد الفيروس أو البكتيريا التي تسبِّب النوبة، لأنَّ العلاج يعتمد على الكائن الحي المسبِّب.
علاج الداء الرئوي الانسدادي المزمن
الإقلاع عن التدخين
تخفيف الأَعرَاض (باستخدام الأدوية مثلًا)
الرعايَة الداعمة (بإعادة التأهيل الرئوي أو باتباع نظام غذائي جيِّد مثلًا)
يُعدُّ التَّوقُّفُ عن التدخين هو المعالجة الأهم للدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن؛حيث يؤدي التوقّفُ عن التدخين، عندما يكون انسداد مجرى الهواء متوسطًا أو خفيفًا، إلى تقليل السعال وتقليل كمية البلغم وإبطاء حدوث ضيق النَّفس عادةً.يؤدي إيقافُ التدخين في أيِّ مرحلةٍ من مراحل تقدم المرض إلى الحصول على بعض الفائدة.من المرجّح أن تكونَ محاولة استعمال عدَّة إستراتيجيات في وقتٍ واحدٍ فعَّالة.ومن بين هذه الاستراتيجيات الالتزامُ بموعد مُحدّد للإقلاع عن التدخين باستخدام طرائق التعديل السُّلُوكي (مثلًا أن يجعل الشخصُ الحصولَ على السجائر أمرًا صعبًا أو أن يكافئ الشخص نفسه عند الامتناع عن التدخين لفترة طويلة)، وحضور جلسات تقديم المشورة الجماعية ودورات الدعم واستبدال النيكوتين (على سبيل المثال، عن طريق مضغ علكة النيكوتين ووضع لصاقة النيكوتين على الجلد أو استخدام جهاز استنشاق النيكوتين أو استخدام أقراص مصّ النيكوتين أو رذاذ النيكوتين الأنفي).كما يمكن أن يساعدَ دواءا فيرنيكلاين varenicline وبوبروبيون bupropion على تقليل الشغف للتبغ.ومع ذلك، حتى مع اتِّباع الطرائق الأكثر فعَّالية، ينجح أقلّ من نصف الأشخاص الذين يحاولون الإقلاعَ عن التدخين في ذلك بعدَ عام واحد.
كما ينبغي أن يحاولَ الأشخاصُ تجنّبَ التعرّض للمهيّجات الأخرى الموجودة في الجو، بما في ذلك التدخينُ السلبي وتلوث الهواء.
وقد تؤدِّي الإصابة بالأنفلونزا أو حدوث الالتهاب الرئوي إلى تفاقم الدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن بشكلٍ ملحوظ.لذلك، يجب على جميع الأشخاص المصابين بالدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن أخذ لقاح الأنفلونزا سنويًا.ويمكن أن يفيد التمنيعُ ضد المكورات الرئوية بكل من لقاح المكورات الرئوية المتعدّد السكاريد ولقاح المكوّرات الرئوية المقترن أيضًا.كما يكون التطعيم ضد كوفيد-19 مفيدًا.
ويجب على الأشخاص اتِّباع نظام غذائي متوازن ومغذٍّ، لأن الدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن يمكن أن يُسبِّبَ نَقصًا شديدًا في الوَزن.
معالجةُ الأَعرَاض
يتراجع الأزيزُ وضيق النفُّس عندما يقلُّ انسداد مجرى الهواء.وعلى الرغم من تعذُّر عكس انسداد مجرى الهواء الناجم عن النُفاخ الرئوي، إلا أنه يمكن عكس تشنج العضلات الملساء القصبية والالتهاب وزيادة المُفرَزات.
وتُستعمَلُ موسِّعاتُ القصبات الاستنشاقية من خلال جهاز يسمح للمستخدم بإرذاذ جرعة ثابتة ومحدَّدة من الدواء في المسالك الهوائيَّة عبر الفم والحلق (أجهزة الاستنشاق، بما في ذلك أجهزةُ الاستنشاق بالجرعات المقيسة وأجهزة استنشاق المسحوق الجاف).تنطوي موسّعاتُ القصبات المستنشقة على ما يلي:
الأدوية المُضادَّة للكولين Anticholinergic
الأدوية الأَدرينِيَّةٌ البِيتاوِيَّة Beta-adrenergic
تقوم الأدويةُ المُضادَّة للكولين والأدوية الأَدرينِيَّة البِيتاوِيَّة بإرخاء العضلات المحيطة بالقُصيبات.
وتشتمل الأدويةُ المُضادَّة للكولين على إبراتروبيوم، وأومكليدينيوم، وأكليدينيوم، وريفيفيناسين، وتيوتروبيوم.يُستَعملُ الإبراتروبيوم نَحو 4 مرات يوميًا والأكليدينيوم مرتين يوميًّا، وتيوتروبيوم، وريفيفيناسين، وأومكليدينيوم مرَّة واحدة يوميًا.
يؤدي استنشاقُ الأدوية الأَدرينِيَّة البِيتاوِيَّة قصيرة المفعول، مثل ألبوتيرول، إلى تخفيف شدَّة ضيق النَّفس بسرعةٍ أكبر من الأدوية المضادَّة للكولين، وبذلك تكون فائدتها أكبر عندَ حدوث النوبات الهجمات.يعدّ سالميتيرول Salmeterol وفورموتيرول formoterol وأرفورموتيرول arformoterol وفيلانتيرول vilanterol وأولوداتيرول olodaterol وإنداكاتيرول indacaterol من الأدوية الأَدرينِيَّةٌ البِيتاوِيَّة طويلة المفعول.يجري استعمالُ سالميتيرول وأرفورموتيرول وفورموتيرول كلّ 12 ساعة.وتُستَعملُ أدويةُ إنداكاتيرول وأولوداتيرول وفيلانتيرول مرة واحدة يوميًّا.ويتوفّر أومكليدينيوم Umeclidinium وفيلانتيرول vilanterol بوصفهما مستحضرًا دوائيًا استنشاقيًا، ويجمع بين كِلا الدواءَين.كما يتوفَّر دواء يجمع بين أولوداترول Olodaterol وتيوتروبيوم tiotropium.وتُعَدّ الأدوية الأَدرينِيَّة البِيتاوِيَّة الطويلة المفعول مفيدة في تخفيف الأعراض لفترة طويلة عند بعض الأشخاص، لاسيَّما خلال الليل، ولكن يجب عدم استخدامها لتخفيف الأعراض بشكلٍ سريع.
كما تتوفَّّر الأدوية المُضادَّة للكولين والأدوية الأَدرينِيَّة البِيتاوِيَّة بشكل تَوْليفات.غليكوبيرولات Glycopyrrolate هو دواء مضاد للكولين متوفّر في توليفة مع اثنين من الأدوية الأَدرينِيَّة البِيتاوِيَّة، هما الفورموتيرول formoterol وإنداكاتيرول indacaterol.
ويمكن للكثير من الأشخاص استخدام أجهزة الاستنشاق بالجرعات المقيسة بشكل فعّال عندما يستنشقون الدواء من خلال جهازٍ محمول يُسمَّى المِفساح spacer (انظر الشكل كيفية استخدام المِنْشَاق المُجَرِّع "جهاز الاستنشاق بالجرعات المحدّدة" Metered-Dose Inhaler).كما يمكن استعمالُ موسِّعات القصبات الاستنشاقية باستخدام البخاخات.وينبغي تطبيقُ هذا النمط من العلاج على الأشخاص الذين يعانون من مرض شديد، أو الذين لا يستطيعون استخدام جهاز الاستنشاق بالجرعات المقيّسة بشكلٍ صحيح.ويُشكل البخاخُ مزيجًا من الدواء، ولا يجب أن يكون توقيت استنشاقه مُتزامنًا مع التنفُّس.تعدُّ أجهزة البخاخات متنقلة ويمكن حملها، كما يمكن توصيلُ بعض أجزائها مع مقبس الملحقات في السيارة أيضًا.
يُفيد استعمالُ الستيرويدات القشريَّة الكثير من المصابين بالدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن المتوسط والشديد، الذي لا يمكن السيطرة على أعراضه باستخدام أدوية أخرى؛ كما تفيد أيضًا الأشخاص الذين يُصابون بهجماتٍ متكرِّرة رغم استخدامهم لأدوية أخرى.لا يمنع استعمالُ الستيرويدات القشريَّة المستنشقة حدوث تراجعٍ في وظائف الرئة مع مرور الوقت.ولكن استخدامَها يقلّل من الأعراض ومن تكرار نوبات الدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن.ونظرًا لوصول الدواء إلى الرئتين، فإنّ الجرعات التقليدية من الستيرويدات القشريَّة المستنشقة تسبب آثارًا جانبية أقل مقارنةً باستعمالها عن طريق الفم؛إلَّا أنَّ استعمالَ جرعات مرتفعة من الستيرويدات القشريَّة المستنشقة يمكن أن يؤثر في جميع أنحاء الجسم، مثل تفاقم هشاشة العظام، لاسيَّما عند كبار السنّ.ويقتصر استخدامُ الستيرويدات القشريَّة عبر الفم إلى حدٍّ كبير على معالجة هجمات الدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن، أو لعلاج الأشخاص الذين يعانون من نوبات دوريَّة، أو الذين تظهر عندهم الأعراض بشكلٍ مستمر بسبب انسداد مجرى الهواء، والذين لا تستجيب أجسامهم للعلاج الأبسط.
تعمل مثبِّطاتُ فُسفُوديستِراز 4، مثل روفلوميلاست roflumilas، على خفض شدَّة الالتهاب وتوسيع المسالك الهوائيَّة.ويمكن استخدام ُمثبطات فُسفُوديستِراز 4 مع موسّعات القصبات الأخرى للحدّ من خطر هجمات الدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن.وتشتمل الآثارُ الجانبية الشائعة على الغثيان والصُّدَاع ونقص الوزن، ولكن هذه التأثيرات قد تتراجع مع استمرار استخدام الأدوية.
قد يساعد أخذ المضاد الحيوي أزيثروميسين أو الإريثروميسين على المدى الطويل على الوقاية من هجمات الدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن، لاسيَّما بين الأشخاص المُعرَّضين إلى نوباتٍ متكرِّرة أو شديدة، والذين لا يدخنون.
ويُعطَى الثيوفيلين Theophylline أحيانًا للأشخاص الذين لا يستجيبون للأدوية الأخرى فقط.يجب على الطبيب أن يضبط الجرعة بدقَّة، كما يجب قياس مستويات الدواء في الدم بشكلٍ دوري عند بعض الأشخاص.ويُسمح باستخدام جرعة أو جرعتين في اليوم من الدواء الطويل المفعول عند الكثير من الأشخاص، حيث يساعد الدواء على ضبط ضيق النَّفَس الذي يحدث خلال الليل.
اعتاد الأطباء على استخدام أدوية (مقشعات) تساعد على تليين المُفرَزات وتسهيل خروجها.ولكن، لايوجد دليل جيد على فعاليَّة هذه الأدوية؛غير أنَّ تجنّب التجفاف قد يقي من تثخُّن المُفرَزات.والقاعدةُ الأساسية هي شرب كميات كافية من السوائل بحيث يكون البول قليلَ الكثافة أو فاتح اللون، ما عدا التبوُّل الأوَّل في الصباح.
وكثيرًا ما يستخدم قياس ُالتنفُّس وقياس التأكسج النبضي لمراقبة الأَعرَاض.يمكن أن يُوفِّر سحبُ عينة من الدَّم من الشريان أو الوريد وقياس كمية الأكسجين وثاني أكسيد الكربون في الدَّم معلوماتٍ إضافية مفيدة في مراقبة المرض الشديد.
معالجةُ النَّوبات أو الهجمات
ينبغي معالجةُ النَّوبات في أسرع وقت ممكن؛فعندَ الاشتباه بوجود عدوى جرثوميَّة، يجري وصف شوط معالجة بالمضادات الحيوية يستمر من 7-10 أيَّام عادةً.ويَصرف الكثير من الأطباء للأشخاص المصابين بالدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن مضادًا حيويًا لابقائه في متناول اليد، واستعماله مبكرًا عند حدوث النوبة.ويمكن استعمالُ عددٍ من المضادَّات الحيوية عن طريق الفم، من ضمنها ميثوبريم/سلفاميثوكسازول trimethoprim/ sulfamethoxazole ودوكسيسيكلين doxycycline وأموكسيسيلين / كلافولانات amoxicillin /clavulanate والأمبيسلين ampicillin.ويحتفظ الكثيرُ من الأطباء بمضادات حيوية معينة، مثل أزيثروميسين azithromycin وكلاريثرومَيْسين clarithromycin وليفوفلوكساسين levofloxacin، للأشخاص المصابين بعدوى شديدة في الرئة، والأشخاص الذين لم تنفعهم الأدوية التي كانوا يستخدمونها سابقًا، والأشخاص الذين لديهم أعراض شديدة، والأشخاص المعرَّضين للعدوى بكائناتٍ لا يمكن علاجُها بأدوية سبق استخدامها (الجراثيم المقاومة).وأكثر المرضى عرضةً للإصابة بالجراثيم المقاومة هم الذين يكون جِهَاز مناعتهم مُثبَّطًا أو نزلاء دور رعاية المسنّين.
يحتاج المرضى الذين يعانون من نوبات شديدة إلى دخول المستشفى، والمعالجة باستخدام الأدوية الأَدرينِيَّةٌ البِيتاوِيَّة قصيرة المفعول والإبرتروبيوم والستيرويدات القشريَّة الفموية أو الوريدية والأكسجين.وقد يحتاجون إلى المساعدة على التنفس باستخدام جهاز تنفُّس (التهوية الميكانيكية)، ويوضع أنبوب (تنفُّس) داخل الرغامى أحيَانًا.
ويستفيد بعضُ الأشخاص الذين يعانون من حالات شديدة للمرض، أو من نَوبات متكررة، من تناول المضادَّات الحيوية مديدة التأثير.وتشمل المضادَّاتُ الحيوية التي تُعطى للمرضى عادةً على أزيثروميسين azithromycin أو كلاريثروميسين clarithromycin أو الإريثروميسين erythromycin.ولكن، قد يكون استخدامُ المضادات الحيوية على المدى الطويل غير ممكنٍ أو موصى به نتيجة الآثار الجانبية الضارة، أو لأنّ الاستخدام الطويل الأمد قد يُولِّد مقاومة عند الجراثيم تجاه تأثيرات المضادات الحيويَّة.
العلاجُ بالأكسجين
يحتاج بعضُ الأشخاص المصابين بالدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن إلى استخدام أكسجين إضافي للحفاظ على كمِّية كافية من الأكسجين في الدَّم.ويتطلَّب بعضُهم العلاج بالأكسجين لفترة قصيرة فقط، مثلًا عند خروجهم من المستشفى بعد علاجهم من نوبة للدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن.يؤدّي العلاج بالأكسجين على المدى الطويل إلى إطالة عُمر الأشخاص المصابين بمرحلة متقدمة من الدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن أو الذين يعانون من انخفاضٍ شديد في مستويات الأكسجين في دمائهم.وعلى الرغم من أنَّ العلاجَ على مدار الساعة هو الأفضل، إلا أن استخدام الأكسجين لمدة 12 ساعة في اليوم مُفيدٌ أيضًا.يُقلِّل هذا العلاجُ من زيادة خلايا الدم الحمر الناجمة عن انخفاض مستويات الأكسجين في الدَّم، ويساعد على علاج القلب الرئوي الذي يسببه الدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن.كما قد يُقلِّل العلاجُ بالأكسجين من ضيق النفُّس في أثناء ممارسة الرياضة.
تتوفر أجهزة مختلفة للعلاج بالأكسجين.تستخدم مكثفات الأكسجين التي تعمل بالكهرباء عندما تتوفر المآخذ الكهربائية.كما يتوفّر الأكسجين المضغوط في خزانات صغيرة تسمح للأشخاص بالتنقل خارج منازلهم لمدة تتراوح ما بين ساعتين إلى ست ساعات.وتُعَدّ أنظمة الأكسجين السائلة أكثر تكلفة، ولكنها مفضلة للأشخاص النشطين، لأنها تسمح بالابتعاد والانتقال لعدة ساعات بعيدًا عن الخزان المصدر.كما تُعَدّ أجهزةُ الأكسجين المُركَّز المحمولة، التي تعمل بالبطارية، خيارًا آخر؛ ويمكن استخدامُها في أثناء السفر على متن الطائرات.ولكن، يجب على المرضى عدم استخدام العلاج بالأكسجين بالقرب من اللهب المكشوف أو في أثناء التدخين.
إعادةُ التأهيل الرئوي Pulmonary rehabilitation
يمكن أن تساعدَ إعادة التأهيل الرئوي الأشخاص المصابين بالدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن، لكنه لا يحسن من وظائف الرئة.تنطوي برامجُ إعادة التأهيل على التثقيف عن المرض وممارسة الرياضة والاستشارة الغذائية والنفسية الاجتماعية.يمكن لهذه البرامج تحسين الاستقلالية ونوعية الحياة، والحدُّ من تكرار المعالجة في المستشفى والإقامة فيها، وتحسين القدرة على ممارسة الرياضة.ويمكن تنفيذُ برامج التمارين الرياضية في منشأة للمعالجة الخارجيَّة أو في المنزل؛فالمشي (على جهاز المشي أو السير المتحرِّك أحيانًا) يستخدم لتمرين الساقين عادةً.كما يُستخدم جهازُ الدراجة الثابتة stationary bicycling وصعود الدرج في بعض الأحيان.ويُجرى تمرينُ الذراعين من خلال رفع الأثقال.يوصى باستخدام الأكسجين في أثناء ممارسة الرياضة عادةً.وكما هي الحالُ مع أي برنامج للتمارين الرياضيَّة، يفقد الشخصُ القدرةَ على التكيُّف بسرعة إذا توقّف عن ممارسة الرياضة.ويجري تدريبُ المرضى على استعمال تقنيات خاصة للحدِّ من حدوث ضيق النَّفَس في أثناء ممارسة مختلف الأنشطة، مثل الطهي والانخراط في الهوايات والنشاط الجنسي.
المُعالجَاتُ الأخرى
لا يساعد استخدامُ مثبّطات السعال التي لا تستلزم وصفة طبية عادةً في المعالجة، ولا يُنصَحُ بها.
تُستخدَم المواد الأفيونية لتخفيف الألم أو نوبات السعال الشديدة، ولكن يجب تجنُّبُ استعمالها قدر المستطاع، لأنها قد تُسبِّب النعاس والإمساك، وتثبّط السعال (ممَّا يمكن أن يسبِّب أو يُفاقمَ العدوى)؛ وإذا استُخدمت بانتظام قد تُسبِّبُ الإدمان.
يمكن معالجةُ الأشخاص المُصابين بنقصٍ شديدٍ في ألفا 1-أنتي تريبسين بتعويض الكمية الناقصة من هذا البروتين.تحتاج المعالجةُ إلى تسريب البروتين في الوريد أسبوعيًّا.
ويمكن إجراءُ جراحة إنقاص حجم الرئة للأشخاص المصابين بالنُفاخ الرئوي الشديد في الأجزاء العليا من الرئتين.والهدفُ من ذلك هو تحسين القدرة على ممارسة الرياضة وتحسين نوعية الحياة؛حيث يجري استئصالُ الأجزاء الأشدُّ إصابة في الرئتين عند إجراء هذه العملية، وبذلك يُسمح للأجزاء المتبقية من الرئتين والحجاب الحاجز بالعمل بشكلٍ أفضل.ويستمرّ التحسّن عدةّ سنوات على الأقل.كما يُطلب من المرضى التوقّف عن التدخين لمدة ستة أشهر على الأقل قبل الجراحة.ويجب أن يخضعَ المرضى لبرنامجٍ مكثَّف لإعادة التأهيل وتحديد إمكانيَّة تحسين الأداء العام بشكلٍ ملحوظ، دون الحاجة لعملية جراحية قبل إجرائها، حيث يكون احتمالُ حدوث الوفاة حوالى 5%.
يمكن وضعُ صمامات داخل أجزاء من المَسالِك الهَوائيَّة لسدّها (تسمى الصمامات داخل القصبات endobronchial valves)؛حيث إن القيام بذلك لا يفيد إلّا أشخاص مختارين لديهم داء الانسداد الرئوي المزمن.ولوضع هذه الصمامات، يستخدم الطبيبُ أنبوب مشاهدة مرنًا.
وقد يُجرى زرع للرئة، سواءٌ زرع رئة واحدة أو رئتين، لبعض الأشخاص الذين لم تتجاوز أعمارهم 65 عامًا ويعانون من انسداد شديد في مجرى الهواء.يهدف زرعُ الرئة إلى تحسين نوعية الحياة، وليس بالضرورة زيادة مدة البقيا.ومن الضروري تثبيطُ المناعة على المدى الطويل، إلَّا أنَّ ذلك يجعل الأشخاصَ معرَّضين لخطر الإصابة بالعدوى.
المَآلُ ومسائل نهاية الحياة
لا تؤدي الإصابةُ بالدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن في حدِّ ذاتها إلى الوفاة عادةً، ولا حتى ظهور الأَعرَاض الشديدة، إذا توقف الشخص عن التدخين في مرحلة تكون فيها إعاقة جريان الهواء لا تزال طفيفة.ولكنَّ استمرارَ التدخين كفيلٌ بتفاقم الأعراض.ومع إعاقة جريان الهواء بشكلٍ متوسِّط أو شديد، يزداد المآل سوءًا بشكلٍ تدريجي.
يحتاج المرضى في المراحل المتقدّمة من الدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المزمن إلى رعاية طبية كبيرة، وإلى المساعدة على أداء النشاطات اليوميَّة؛حيث يمكنهم مثلًا ترتيب طريقة عيشهم من خلال استعمالهم لطابقٍ أو دور واحدٍ في منزلهم، وتناول عدة وجبات صغيرة كل يوم بدلًا من تناول وجبة واحدة كبيرة، وتجنّب انتعال الأحذية التي يجب ربطها.
قد تنجم الوفاةُ عن فشل في السبيل التنفُّسي أو سرطان الرئة أو اضطرابات القلب (مثل فشل القلب أو اضطرابات نظم القلب) أو الالتهاب الرئوي أو استرواح الصدر أو انسداد الشرايين المؤدية إلى الرئتين (الانصمام الرئوي).
وقد يحتاج المرضى في المراحل الأخيرة من المرض والمُعرَّضون لنَوبات أو هجمات منه إلى استخدام أنبوب التنفُّس والتهوية الميكانيكية.يمكن أن تطولَ فترةُ استعمال التهوية الميكانيكية، ويستمرُّ بعض الأشخاص في اعتمادهم على التنفس الاصطناعي حتى وفاتهم.ومن المهم أن يقرر الأشخاص مع أطبائهم وأحبائهم إن كانوا يرغبون أو لا يرغبون بهذا النوع من العلاج الداعم، وأخذ القرار قبل تفاقم الحالة.
وكبديلٍ لهذا العلاج الدَّاعم يمكن اللجوءُ إلى المعالجة الهادفة إلى الراحة (وليس إلى إطالة مدة البقاء على قيد الحياة).وأفضل طريقة للتأكّد من رغبة الشخص فيما يتعلق بالتهوية الميكانيكية لفترات طويلة هو إعداد التوجيهات المسبقة وتفويض وكيل للرعاية الصحية.
للمزيد من المعلومات
في ما يلي بعض المصادر باللغة الإنجليزية والتي قد تكون مفيدة.يُرجى ملاحظة أن دليل MSD غير مسؤول عن محتوى هذه المصادر.
مؤسسة الداء الرئوي الانسدادي المزمن: يتضمن معلومات عن تشخيص الداء الرئوي الانسدادي المزمن وعلاجه وأدوات لدعم الأشخاص المصابين بالداء الرئوي الانسدادي المزمن ومقدمي الرعاية لهم
الرابطة الأمريكية للرئة: الداء الرئوي الانسدادي المزمن (COPD): يتضمن معلوماتٍ حول عوامل خطر الدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المُزمِن، والتَّشخيص، والعلاج، وأدوات للمساعدة على الإقلاع عن التدخين والتعايش مع الدَّاء الرِّئَوِيّ الانسدادي المُزمِن