الجينات والصبغيات

حسبDavid N. Finegold, MD, University of Pittsburgh
تمت مراجعته ذو القعدة 1444

الجيناتُ هي قِطَع من الحمض النَّوَوي الرِّيبي منزوع الأكسجين (DNA)، تحتوي على شيفرة لبروتين معيَّن يعمل في واحد أو أكثر من أنواع الخلايا في الجسم أو شيفرة لجزيئات حمض ريبي نووي (RNA)أمَّا الكرُوموسُومات أو الصِّبغيَّات Chromosomes فهي بنى داخل الخلايا، تحتوي على جينات الشخص.

  • إذًا، الجينات توجد في الصبغيات، التي توجد في نواة الخلية.

  • يحتوي الكروموسوم أو الصبغيّ على مئات الآلاف من الجينات.

  • وكلُّ خلية بشرية سويَّة تحتوي على 23 زوجًا من الصبغيات، ومجموع ما تحتوي عليه هو 46 صبغيًا.

  • السمَة أو الخلَّة أو الصِّفة trait هي أي خاصيَّة محدَّدة بالجينات، وغالبًا ما يجري تحديدُها من قِبل أكثر من جينٍ واحد.

  • تنشأ بعضُ الصفات عن جيناتٍ طافرة موروثة، أو ناجِمَة عن طفرة جينية جديدة.

وتعدُّ البروتينات Proteins على الأرجح الفئة الأكثر أهمِّيةً من المواد في الجسم.وهي ليست مجرَّد لَبِنات لبناء العضلات والنسج الضامة والجلد وغير ذلك من البنى؛إنما هي ضروريةٌ لتصنيع الإنزيمات أيضًاً.والإنزيماتُ enzymes هي بروتينات معقَّدة تضبط وتنفِّذ جميعَ العمليات الكيميائية والتفاعلات داخل الجسم تقريبًا.وينتج الجسمُ الآلاف من الإنزيمات المختلفة.وهكذا، فإنَّ بنيَة ووظيفة كامل الجسم تخضع لأنواع وكمِّيات البروتينات التي يصنِّعها الجسم.يجري التحكُّم في تخليق البروتينات أو تصنيعها عن طريق الجينات الموجودة في الصبغيات.

يعدُّ النمط الجيني genotype (أو المَجين genome) توليفةً فريدَة من نوعها من الجينات أو التركيبة الوراثيَّة لدى الفَرد.وهكذا، فإنَّ النمط الجيني هو مجموعةٌ كاملة من التَّعليمات حولَ كيفية قيام الجسم بتصنيع البروتينات، وحول ما يُفترَض أن يكون عليه الجسمُ بناءً ووظيفةً.

أمَّا النمط الظاهري phenotype فهو البنيَة والوظيفة الفعليَّة لجسم الشخص.النمطُ الظاهري هو ما يبدو عليه النمط الوراثي عندَ الشخص، لأنه ليس كلُّ التعليمات في النمط الوراثي قد تُنفّذ (أو يُعبَّر عنها)؛يتحدد مدى وكيفية حدوث التعبير الجيني بتفاعل معقد بين عوامل متعددة تتضمن النمط الجيني، والتعبير الجيني، والعوامل البيئية (بما في ذلك الأمراض والنظام الغذائي) وعوامل أخرى لا يزال بعضُها غيرُ معروف.

وأمَّا النمط النَّوَوي karyotype فهو صورة المجموعةُ الكاملة للصبغيات في خلايا الشخص.

الجينات

توجد لدى البشر نَحو 20-23 ألف جينة.

الحَمض النَّووي الرِّيبي منزوع الأكسجين الرِّيبي DNA

تتكوَّن الجيناتُ من الحمض النَّوَوي الرِّيبي منزوع الأكسجين (الدَّنا).وهو يحتوي على الرامزة، أو البصمة، التي تُستخدَم لتكوين أحد البروتينات أو جزيء حمض الريبي النووي (RNA).تختلف الجيناتُ في الحجم، استناداً إلى أحجام البروتينات أو الحمض النووي (RNA) التي ترمز إليها.

وكلُّ جزيء من الحَمض النَّووي الرِّيبي منزوع الأكسجين هو حلزونٌ مزدوج طويل يشبه الدرجَ الحلزوني الذي يحتوي على ملايين الخطوات أو الدرجات.تتكوَّن درجات أو أجزاء الدرج من أزواج من أربعة أنواع من الجزيئات تسمى القواعد أو الأُسُس (النيوكليوتيدات أو النَّوويدات nucleotides).وفي كل دَرَجة، يَتَزاوج أساس أو قاعدة الأدينين adenine (A) مع قاعدة الثِّيمين thymine (T)، أو قاعدة الغوانين guanine (G) مع قاعدة السِّيتوزين cytosine (C).وكلُّ جزيء DNA طويل للغاية يجري لفه داخل أحد جزيئات الدنا الصبغيات.

بنيَة الحَمض النَّووي DNA

الحَمض النَّووي الرِّيبي منزوع الأكسجين DNA (deoxyribonucleic acid) هو المادَّة الوراثيَّة للخلية، والموجودة في الصبغيات داخل نواة الخلية والميتوكوندريا (المتقدِّرات).

وباستثناء خلايا معيَّنة (على سبيل المثال، خلايا النطاف والبويضة وكريات الدَّم الحمراء)، تحتوي نواةُ الخلية على 23 زوجًا من الصبغيات>يحتوي الصبغي على العديد من الجينات.الجين (أو الجينة) هي قطعة من الحَمض النَّووي تحتوي الشيفرة اللازمة لتصنيع البروتين أو جزيء الحمض النووي RNA.

ويكون جزيء الحَمض النَّووي الرِّيبي منزوع الأكسجين بشكل حلزون مزدوج وطَويل وملفوف يشبه الدرجَ الحلزوني أو اللولبي.وفيه، يرتبط اثنان من الخيوط أو الطِّيقان، يتألَّفان من السكَّر (ريبوز منزوع الأكسجين deoxyribose) وجزيئات الفوسفات، بأزواج من أربعة جزيئات تُسمَّى القواعد أو الأُسُس، والتي تشكِّل درجات أو خطوات الدَّرَج.وفي هذه الدرجات، يقترن أو يتزاوج الأدينين مع الثيمين والغوَانين مع السِّيتوزين.ويحافظ كلُّ زوج من القواعد على اقترانه معًا بواسطة رابط هيدروجيني hydrogen bond.ويتكوَّن الجين من سلسلة من القَواعد أو الأسُس.وتقوم سلاسلُ مكوَّنة من ثلاث قواعد بترميز أحد الحُمُوض الأمينيَّة (االحُمُوض الأمينية هي اللِّبِنات الأساسية للبروتينات) أو معلومات أخرى.

تَصنِيع البروتينات

تتكوَّن البروتينات من سلسلةٍ طويلة من الحُمُوض الأمينية المرتبطة معًا واحدًا تلوَ الآخر.وهناك 20 من الحُمُوض الأمينية المختلفة التي يمكن استخدامها في تخليق أو تكوين البروتين ــ بعضها يجب أن يأتي من النِّظام الغذائي (الحُمُوض الأمينية الأساسيَّة essential amino acids)، أمَّا بعضُها الآخر فتقوم الانزيمات في الجسم بتكوينه.وبعدَ تكوين سلسلة الحُمُوض الأمينية، فإنَّها تتطوَّى على نفسها لإنشاء بنية معقَّدة ثلاثية الأبعاد.ويعدُّ شكلُ البنيَة المَطوِيَّة folded مسؤولاً عن تحديد وظيفتها في الجسم.وبما أنَّ الطيَّ folding يعتمد على التسلسل الدقيق للحُمُوض الأمينيَّة، لذلك يؤدِّي كلُّ تسلسل مختلف إلى بروتين مختلف.وتحتوي بعضُ البروتينات (مثل الهيمُوغلُوبين) على عدَّة سلاسل مطويَّة مختلفة.ويجري ترميزُ التعليمات الخاصَّة بتخليق البروتينات داخل الحمض النووي الوراثي.

التَّرميز Coding

يجري ترميزُ المعلومات داخل الحَمض النَّووي الرِّيبي منزوع الأكسجين (الوراثي) عن طريق التسلسل الذي تَصطفُّ به القَواعد أو الأسُسُ (A و T G و C).وتُكتَب الرامزة (التعليمات البرمجيَّة) في ثلاثيَّات triplets.وبذلك، يَجرِي ترتيب القواعد في مجموعات ثلاثيَّة.وترمِّز سَلاسل خاصَّة مكوَّنة من ثلاث قواعد في الحَمض النَّووي الرِّيبي منزوع الأكسجين تعليمات محدَّدة، مثل إضافة حمض أميني واحد إلى إحدى السَّلاسل؛فعلى سَبيل المثال، ترمِّز السلسلة GCT (غوانين، سيتوزين، ثيمين) إضافةَ الحمض الأميني ألانين alanine، بينما ترمِّز السلسلة GTT (غوانين، ثِيمين، ثيمين) إضافةَ الحمض الأميني فالين valine.وهكذا، يَجرِي تحديدُ تسلسل الحُمُوض الأمينية في أحد البروتينات عن طريق ترتيب أزواج القواعِد الثُّلاثية في الجين بالنسبة لذلك البروتين على جزيء الدَّنا DNA.وتنطوي عمليةُ تَحويل المعلومات الجينية المشفَّرة أو المرمَّزة إلى أحد البروتينات على النَّسخ transcription والترجمة.

النَّسخ والترجمة

النسخ أو الانتساخ Transcription هو العمليَّة التي يَجرِي فيها نقل المعلومات المرمَّزة في الحَمض النَّووي الرِّيبي منزوع الأكسجين (نسخها) إلى الحمض النووي الريبي (الرَّنا RNA).الحَمض النَّووي الرِّيبي RNA هو سلسلةٌ طويلة من القواعد مثل أحد طاقَي أو خَيطَي الحَمض النووي الرِّيبي منزوع الأكسجين تمامًا، إلاَّ أن قاعدة اليُوراسيل uracil (U) تحلّ محلَّ قاعدة الثِّيمين (T).وهكذا، يحتوي الحَمض النَّووي الرِّيبي (الرَّنا) على معلومات ثلاثية التَّرميز مثل الحمض النووي الرِّيبي منزوع الأكسجين.

عندما يبدأ النسخ، يُفتَح جزء من الحلزون المزدوج للحَمض النَّووي الرِّيبي منزوع الأكسجين ويزول التفافه أو تطوِّيه.ويعمل أحدُ طاقَي الحَمض النَّووي الرِّيبي منزوع الأكسجين غير الملتفّ بمنزلة قالب يتشكَّل عليه الطاق التَّتميمي complementary strand للحَمض النَّووي الرِّيبي RNA.ويُسمَّى الطاق التَّتميمي من الحَمض النَّووي الرِّيبي الرَّنا المِرسَال RNA (mRNA).ينفصل الحمض النووي المِرسَال mRNA عن الحمض النووي الرِّيبي منزوع الأكسجين DNA، ويترك النَّواة، ويسير إلى سيتوبلازم أو هَيُولى الخليَّة (جزء الخلية الواقع خارجَ النواة).وفي هَيُولى الخليَّة، يرتبط الرَّنا المِرسَال على أحد الرِّيباسات (الأجسام الريبيَّة) ribosome، وهي بنية صغيرة في الخلية حيث يَحدث تخليق أو تصنيع البروتين؛

فمع بدء الترجمة، تُعطِي رامزة الرَّنا المِرسَال (من الحمض النووي الوراثي DNA) الريباسَة ترتيب ونوع الحُمُوض الأمينية لربطها معًا.ويجري جلبُ تلك الحُمُوض الأمينية إلى الرِّيباسّة عن طريق نوع أصغر بكثير من الحَمض النَّووي الرِّيبي يُسمَّى الحَمض النَّووي الرِّيبي النقَّال أو الرَّنا النقَّال transfer RNA (tRNA).وكلُّ جزيء من الحمض النَّووي الريبي النقَّال يجلب واحدًا من الحُمُوض الأمينية لإدراجه في السلسلة المتنامِيَة من البروتين، والتي يجري طيُّها في بنية معقَّدة ثلاثية الأبعاد تحت تأثير الجزيئات المجاورة التي تُسمَّى جزيئات التشابيرونيَّة أو الوَصيفة chaperone.

التحكُّم في التعبير الجيني

هناك أنواعٌ عديدة من الخَلايا في جسم الشخص، مثل خلايا القلب وخلايا الكبد وخلايا العضلات.وهذه الخَلايا تَبدو وتعمل بشكلٍ مختلف، وتُنتِج موادَّ كيميائية مختلفة جدًّا.ولكن، كلُّ خلية هي سلالة لخلية مفردة من البويضة المخصَّبة، وبذلك فهي تحتوي على الحمض النووي الوراثي نفسه.وتكتسب الخَلايا مَظاهرَها ووظائفها المختلفة للغاية لأنَّ الجينات المختلفة تعبِّر عن نفسها في الخَلايا المختلفة (وفي أوقات مختلفة في الخلية نفسها).كما أنَّ المعلوماتِ حولَ متى ينبغي التعبيرُ عن الجين يَجرِي ترميزها في الحمض النووي الوراثي أيضًا؛حيث يعتمد التعبيرُ الجيني على نوع النسيج، وعمر الشخص، ووجود إشارات كيميائية محدَّدة، وعوامل وآليَّات عديدة أخرى.هذا، وتنمو معرفةُ هذه العَوامِل والآليَّات الأخرى التي تتحكَّم في التعبير الجيني بسرعة، ولكنَّ العديدَ من هذه العَوامِل والآليات لا تزال غيرَ مفهومة.

كما أنَّ الآليَّات التي تتحكَّم فيها الجينات ببعضها بعضًا معقَّدةٌ للغاية.وللجينات واسِمات كيميائية تشير إلى متى يجب أن يبدأ النسخ، ومتى ينتهي؛فالموادّ الكيميائية المختلفة (مثل الهستونات) في الحَمض النَّووي الرِّيبي منزوع الأكسجين وما حولَه تمنع أو تسمح بالنسخ.ويمكن أن يقترنً طاق من الحَمض النَّووي RNA يُدعَى الحمض النووي RNA المضاد للتعبير (antisense RNA)، مع طاق تَتميمي من الحمض النووي RNA المِرسَال أيضًا، ويُوقف الترجمة.

التَنَسُّخ Replication

تتكاثرُ الخَلايا عن طريق الانقسام إلى اثنتين.وبما أنَّ كلَّ خلية جديدة تتطلب مجموعةً كاملة من جزيئات الحمض النووي الوراثي، لذلك يجب أن تتكاثرَ (أو تتنسَّخ) جزيئات هذا الحَمض النَّووي الرِّيبي منزوع الأكسجين هي نفسها في الخلية الأصلية في أثناء انقسام الخلية.يحدث التنسُّخُ بطريقةٍ مماثلة للنَّسخ، إلاَّ أن كاملَ جزيء الحَمض النَّووي الرِّيبي منزوع الأكسجين المزدوج الطَّاق لا يلتف، ويننشطر إلى اثنين.وبعدَ الانشطار، ترتبط القواعد على كل طَاق بالقواعد التتميميَّة (A مع T، و G مع C) العائمة المجاورة.وعندما تكتمل هذه العملية، يخرج جزيئان متماثلان أو متطابقان من الدَّنا المزدوج الطاق.

الطفرة Mutation

للوقاية من حدوث أخطاء في أثناء التنسُّخ، يكون لدى الخَلايا وظيفة "تدقيق proofreading" للمساعدة على ضمان أن يحصل اقتران القواعد أو الأُسُس بشكلٍ صحيح.وهناك أيضًا آليَّات كيميائيَّة لإصلاح الحَمض النَّووي الرِّيبي منزوع الأكسجين الذي لم يَجرِ نسخه بشكلٍ صحيح.ولكن، بسبب مليارات أزواج القواعد المشاركة في هذه العمليَّة، وتعقيد عملية تخليق البروتين هذه، قد تحدث عدة أخطاء.وقد تحدث مثل هذه الأخطاء لأسبابٍ عديدة (بما في ذلك التعرُّض للإشعاع، أو الأدوية، أو الفيروسات) أو من دون سببٍ واضح.وتعدُّ الاختلافاتُ الطفيفة في DNA شائعة جدًّا، وتحدث في معظم الناس.ولا تؤثِّر معظمُ الاختلافات في النُّسَخ اللاحقة من الجين.وتُسمَّى الأخطاء التي يجري تنسُّخها في النُّسَخ اللاحقة بالطفرات.

والطفراتُ الموروثة هي تلك التي يمكن نقلها إلى الذرِّية.ولكنَّ الطفراتِ لا يمكن أن تكونَ موروثة إلاَّ عندما تؤثِّر في الخلايا الإنجابية (الحيوانات المنوية أو البيوض).أمَّا الطفراتُ التي لا تؤثِّر في الخلايا التناسلية أو الإنجابية فتؤثِّر في نسل الخلية الطافرة فقط (على سبيل المثال، تصبح سرطانًا)، ولكن لا تمرّ إلى الذرِّية.

قد تكون الطفراتُ خاصَّة بالفرد أو العائلة، ومعظمَ الطفرات الضارّة نادرة.وتُسمَّى الطفرات التي أصبحت شائعة بحيث تؤثِّر في أكثر من 1٪ من مجموعة سكانيَّة ما متعدِّدات الأشكال polymorphisms (على سبيل المثال، زُمَر الدَّم البشري A و B و AB و O).ومعظمُ متعدِّدات الأشكال لها تأثير بسيط أو ليس لها تأثير في النمط الظاهري (البنيَة والوظيفة الفعليَّة في جسم الشخص).

قد تنطوي الطفراتُ على أجزاء صغيرة أو كبيرة من الحمض النووي الوراثي.ولذلك، واعتمادًا على حجمها وموقعها، قد لا يكون للطفرة أيُّ تأثير واضح، أو قد تغيِّر تسلسل الحُمُوض الأمينية في بروتين ما أو تقلِّل من كمية البروتين المنتَج.وإذا كان البروتين الناتج ذا سلسلة مختلفة للحُمُوض الأمينية ، فقد يعمل بشكلٍ مختلف أو لا يعمل على الإطلاق.وغالبًا ما يكون البروتين الغائب أو غير الفعَّال ضارًّا أو مميتًا؛فعلى سَبيل المثال، في بيلة الفينيل كيتون phenylketonuria، تؤدِّي طفرةٌ إلى نقص أو عدم وجود إنزيم هيدروكسيلاز فينيل ألانين phenylalanine hydroxylase.ويسبِّب هذا النقصُ تراكمَ الحمض الأميني فينيل ألأنين (يُمتصُّ من النظام الغذائي) في الجسم، ممَّا يسبِّب في النهاية إعاقة ذهنية شَديدة.

وفي حالاتٍ نادرة، تؤدِّي الطفرة إلى تغيُّر مفيد؛فمثلًا، في حالة جين الخلايا المنجلية sickle cell gene، عندما يَرِث الشخصُ نسختين من الجين غير الطبيعي، فإنَّ سوف يُصاب بداء فقر الدم المِنجَلي.ولكن، عندما يرث الشخصُ نسخةً واحدة فقط من جين الخلية المنجلية (يُسمَّى حاملاً للطفرة carrier)، فإنَّه يصبح لديه بعض الحماية من الملاريا (عدوى دمويَّة).ولكن، على الرغم من أنَّ الوقاية من مرض المَلاريا يمكن أن تساعدَ الشخص الحامل للطفرة على البقاء على قيد الحياة، يسبِّب فقر الدَّم المنجلي (في الشخص الذي لديه نسختان من الجين) أَعرَاضًا ومُضَاعَفاتٍ قد تقصِّر متوسِّط العمر.

يشير الانتقاء الطبيعي إلى مفهوم مفاده أنَّ الطفرات التي تؤثِّر في البقاء على قيد الحياة في بيئة معيَّنة هي أقلّ ميلاً لأن تنتقلَ إلى النَّسل (وبذلك تصبح أقلَّ شُيُوعًا في السكَّان)، في حين أنَّ الطفرات التي تعمل على تحسين البقاء على قيد الحياة تصبح أكثرَ شُيُوعًا بالتدريج.وهكذا، فإنَّ الطفرات المفيدة، وإن كانت نادرة في البداية، تصبح شائعةً في نهاية المطاف.ويسمَّى مجموعُ التغيُّرات البطيئة التي تحدث على مرِّ الزمن، بسبب الطفرات والانتقاء الطبيعي في السكَّان المتزاوجين، التطوُّر evolution.

هل تعلم...

  • لا تكون جميع تأثيرات الشذوذات الجينية مضرَّة.فعلى سَبيل المثال، يوفِّر الجينُ الذي يسبِّب مرض فقر الدَّم المنجلي وقايةً من المَلاريا.

الكروموسومات أو الصبغيات Chromosomes

يتكوَّن الصِّبغي أو كروموسوم من ضفيرة أو طاق طويل جدًّا من الحَمض النَّووي الرِّيبي منزوع الأكسجين، ويحتوي على العديد من الجينات (مئات إلى آلاف).تصطفُّ الجيناتُ على كلِّ صبغي في تسلسلٍ معيَّن، ولكلِّ جين موقِع معيَّن على الصبغي (يسمى المقرّ locus).يُسمَّى نوع الجين الذي يشغل نفس الموضع على كل صبغي (كروموزوم) من زوج الصبغيات (أحدهما موروث من الأب والآخر من الأم) بالأليل (allele).وبالإضافة إلى الحَمض النَّووي الرِّيبي منزوع الأكسجين DNA، تحتوي الصبغياتُ على المُكَوِّنات الكيميائية الأخرى التي تؤثِّر في وظيفة الجين.

الاقتران أو الازدِواج Pairing

باستثناء خلايا معيَّنة (على سبيل المثال، الحيوانات المنوية أو البويضات أو خلايا الدَّم الحمر)، تحتوي نواةُ كلِّ خلية طبيعية في الإنسان على 23 زوجًا من الصبغيات، أي ما مجموعه 46 صبغيًًا.ويتكوَّن كلُّ زوج عادة من صبغي واحد من الأم وآخر من الأب.

وهناك 22 زوجًا من الصبغيات (الجسديَّة autosomal) غير الجنسيَّة وزوج واحد من الكروموسومات الجنسيَّة.وتكون الصبغياتُ غير الجنسيَّة المُزدَوِجَة، ولأغراضٍ عمليَّة، متطابقة في الحجم والشكل والموقع وعدد الجينات.وبما أنَّ كلَّ عضو في زوج الصبغيات غير الجنسيَّة يحتوي على واحد من الجينات المتقابلة، لذلك يكون هناك نسخة احتياطية (مُسانِدة) backup للجينات على تلك الصبغيات.

أمَّا الزوج 23 فهو الصبغي الجنسي (X و Y).

الصبغيات الجنسيَّة Sex chromosomes

يحدِّد زوج الصبغيات الجنسيَّة ما إذا كان الجنين سيصبح ذكرًا أم أنثى؛فالذكورُ لديهم صبغي X واحد وصبغي Y واحد.ويأتي الصبغي X في الذكور من الأمِّ، والصبغي Y من الأب.أمَّا الإناث فيكون لديهنَّ اثنان من الصبغيات X، واحد من الأمِّ والآخر من الأب.وبطرائق معيَّنة، تعمل الصبغيات الجنسيَّة بشكلٍ مختلف عن الصبغيات غير الجنسيَّة.

يحمل الصبغي Y الأصغر الجينات التي تحدِّد جنس الذكر، بالإضافة إلى عددٍ قليل من الجينات الأخرى؛بينما يحتوي الصبغي X على العديد من الجينات أكثر من الصبغي Y، وكثيرٌ منها له وظائف إلى جانب تحديد الجنس، وليس لها نظير على الصبغي Y.في الذكور، ولأنَّه لا يوجد صبغي X ثانٍ، لا يوجد لهذه الجينات الإضافية على الصبغي X مقابلات، ويَجرِي التعبيرُ عنها بشكلٍ كامل تقريبًا.ويُشَار إلى الجينات على الكروموسوم X بالجينات المرتبطة بالجنس sex-linked genes، أو المرتبطة بالصبغي X.

في الكروموسُومات غير الجنسيَّة، تكون الجيناتُ على كلا أزواج الصبغيات قادرةً على التعبير عن نفسها بشكلٍ كامل عادة.ولكن، في الإناث، تتوقَّف معظمُ الجينات في واحدٍ من الصبغيين X عن العَمَل من خلال عمليَّة تُسمَّى تعطيل X (باستثناء البيوض في المبيضين).ويحدث تعطيلُ الصبغي X في وقت مبكِّر في حياة الجنين.في بعض الخلايا، يصبح الصبغي X من الأب غيرَ نشيط (معطَّلاً)؛ وفي خلايا أخرى، يصبح الصبغي X من الأم غير نشيط.وهكذا، قد تعبر إحدى الخلايا عن جينة موروثة من الأم وتعبر خلية أخرى عن جينة موروثة من الأب.وبسبب تعطيل X، فإنَّ غيابَ واحد من الصبغيين X يؤدِّي عادة إلى تشوُّهات طفيفة نسبيًا (مثل مُتلازمة تيرنر Turner syndrome).وبذلك، فإن فقدانَ أحد الصبغيين X هو أقلّ ضررًا بكثير من فقدان أحد الكروموسُومات غير الجنسيَّة (انظر لمحة عامَّة حول شذوذات الصبغيات الجنسيَّة).

إذا كان لدى أنثى ما اضطرابٌ ينطوي على وجود أكثر من صبغيين X، فإنَّ الصبغيات الإضافية تميل إلى أن تكونَ غير نشطة (معطَّلة).وهكذا، يسبِّب وجودُ واحد أو أكثر من الصبغيات X الإضافية مشاكل نمائيَّة أقلّ بكثير من وجود واحد أو أكثر من الكروموسُومات غير الجنسيَّة الإضافيَّة؛فعلى سَبيل المثال، غالبًا ما لا تتأثر النساء اللواتي لديهنَّ ثلاثة صبغيات X (مُتلازمة تثلُّث الصبغي X) من الناحيتين الجسدية والنفسية.أمَّا الذكورُ الذين لديهم أكثر من صبغي Y (انظر متلازمة XYY) فقد يتأثرون من الناحيتين الجسديَّة والنفسية.

شُذوذات الصبغيات

هناك عدَّةُ أنواع من شُذوذات الصبغيات؛فقد يكون لدى الشخص عددٌ غير طبيعي من الصبغيات، أو يكون لديه مناطقُ غير طبيعية على واحد أو أكثر من الصبغيات.ويمكن تشخيصُ العديد من هذه الشُّذوذات قبلَ الولادة (انظر اختبارات شذوذات الصبغيات والجينات).

وتؤدِّي الأعدادُ غير الطبيعية من الصبغيات غير الجنسيَّة إلى شذوذات شديدة عادة؛فعلى سَبيل المثال، يمكن أن يكون وجودُ أكثر من صبغي غير جنسيّ إضافي قاتلاً للجنين، أو يمكن أن يؤدي إلى تشوُّهات لدى الشخص مثل مُتلازمة داون التي تَنتج عادة عن وجود ثلاث نسخ من الصبغي 21.وغيابُ أحد الصبغيات غير الجنسيّة هو قاتل للجنين.

قد تكون مناطق واسعة على أحد الصبغيات غير طبيعيَّة، ويحدث ذلك عادة نتيجة زوال قسم كامل منه (يُسمَّى الحذف أو الخبن deletion)، أو بسبب وضعه عن طريق الخطأ في صبغي آخر (يسمى الإزفاء translocation)؛فمثلًا، يكون سببُ ابيضاض الدَّم النقوي المزمن في بعض الأحيان إزفاءَ جزء من الصبغي 9 على الصبغي 22.ويمكن أن يكون هذا الشذوذ موروثًا، أو يكون نتيجة طفرة جديدة.

الصبغيات المتقدِّرية

المتقدرات (mitochondria) هي بنى صغيرة داخل الخلايا، تصنِّع الجزيئات المستخدَمة في الطاقة.تحتوي كل خلية على ما يتراوح بين 1,000 إلى 2,500 متقدرة.وعلى عكس البنَى الأخرى داخل الخلايا، تحتوي كلُّ متقدرة على صبغي حلقي خاص بها.يحتوي هذا الصبغي على حمض نووي DNA (DNA متقدري) يحتوي على 37 جينًا تشفر 13 بروتينًا، وحموض نووي RNA متنوعة، والعديد من الإنزيمات.ويأتي الحَمض النَّووي الرِّيبي منزوع الأكسجين للمتقدرة عادة من والدة الشخص فقط، لأنه - بشكلٍ عام - عندما يَجرِي تخصيب البويضة، تصبح الميتوكوندريَّة الآتية من البيضة فقط جزءًا من الجنين المتخلَّق.أمَّا المتقدرات من الحيوانات المنوية فلا تصبح جزءًا من الجنين المتخلق عادة.

السِّمات أو الخِلال أو الصِّفات Traits

السمة أو الصِّفة (الخَلَّة) هي أي خاصية تحدِّدها الجينات.ويجري تحديدُ عددٍ من الصفات من خلال وظيفة أكثر من جينٍ واحد؛فعلى سَبيل المثال، من المرجَّح أن يجري تحديدُ طول قامة الشخص من خلال عددٍ من الجينات، بما في ذلك تلك التي تؤثِّر في النموِّ والشهية والكتلة العضلية ومستوى النشاط.ولكن، يَجرِي تحديدُ بعض الصفات من خلال وظيفة جينٍ واحد فقط.

ويعدُّ الاختلافُ في بعض الصفات، مثل لون العين أو فصيلة الدم، طبيعيًّا.ولكنَّ أشكالًا أخرى، مثل المَهَق ومُتلازمة مارفان وداء هَنتنغتون تضرُّ ببنيَة الجسم أو وظيفته، وتعَدُّ من الاضطرابات؛مع أنَّه ليس كلُّ هذه الشذوذات الجينية مضرَّة بالقدر نفسه؛فمثلًا، يمكن أن توفِّر نسخةٌ واحدة من جين الخلايا المنجلية الحمايةَ من الملاريا، ولكنَّ وجودَ نسختين من الجين يسبِّب داء الخلية المنجلية.

الاضطرابات الوراثيَّة

هل تعلم...

  • الناس يحملون ما متوسِّطه 100 إلى 400 من الجينات غير الطبيعية.

الاضطرابُ الوراثي هو سمة ضارَّة ناجمة عن جينٍ غير طبيعي.وقد يكون الجينُ غير الطبيعي موروثًا، أو قد ينشأ تلقائيًا نتيجة لطفرةٍ جديدة.وتعدُّ شذوذاتُ الجينات شائعةً إلى حدٍّ ما.يحمل كل شخص ما متوسِّطه 100 إلى 400 جين غير طبيعي (تختلف تلك الجينات باختلاف الأشخاص).ولكن، في معظم الأحيان يكون الجينُ المقابل على الصبغي الآخر في الزوج طبيعيًّا، ويمنع أيَّة تأثيرات ضارَّة.

وفي عموم النَّاس، تعدُّ الفرصة لدى الشخص لوجود نسختين من نفس الجين غير الطبيعي (ومن ثمَّ حدوث اضطراب) صغيرة جدًّا.ولكن، في الأطفال الذين هم ذرِّية لأقارب الدم، تكون هناك احتمالات أعلى.كما أنَّ الفرص مرتفعة أيضًا بين الأطفال من الآباء والأمهات الذين تزوجوا ضمن شريحة سكَّانية معزولَة، كما هي الحال ضمن مجتمعات أقليّة الأميش أو المينونايت.

quizzes_lightbulb_red
Test your KnowledgeTake a Quiz!
iOS ANDROID
iOS ANDROID
iOS ANDROID