داء القرحة الهضميَّة

تحدث القرحة عندما تضعُف آليَّات الدفاع والإصلاح الطبيعيَّة في بطانة المعدة أو الاثناعشري، ممَّا يجعل البطانة أكثرَ عرضة للإصابة بالضَّرر نتيجة تأثير حمض المعدة.

ويُعدُّ العاملان التاليان أكثر الأَسبَاب شيوعًا لحدوث القرحة الهضميَّة حتَّى الآن، وهما:

• عدوى المعدة ببكتيريا الملويَّة البوَّابيَّة

• استعمال مضادَّات الالتهاب غير الستيرويدية، مثل أسبرين، أو إيبوبروفين، أو نابروكسين

توجد عدوى بكتيريا الملويَّة البوَّابيَّة H. pylori عند 50-70٪ من الأشخاص المصابين بقرحة الاثناعشري وعند 30 - 50٪ من الأشخاص المصابين بقرحة المعدة.

يُسبِّب استعمال مضادَّات الالتهاب غير الستيرويديَّة أكثر من 50٪ من حالات القرحة الهضمية.إلَّا أنَّ القرحة الهضميَّة لا تحدث عند معظم الأشخاص الذين يستعملون مضادَّات الالتهاب غير الستيرويدية.

ويكون المُدخِّنون أكثر ميلا للإصابة بالقرحة الهضميَّة مقارنةً بغير المُدخِّنين، ويكون شفاؤها بطيئًا بشكلٍ أكبر ومن المُحتمل أن تعود.

ورغم أنَّ الكحول يزيد من إنتاج حمض المعدة، إلَّا أنَّه لا يبدو أنَّ شرب كميات متوسِّطة من الكحول يؤدي إلى حدوث قرحاتٍ أو يُؤخِّر الشفاء.

يمكن للشِّدَّة النفسيَّة أن تسبب القرحات.لاحظ الأطباء حدوث ارتفاعٍ في معدَّل الإصابة بداء القرحة في اليابان بعد وقوع زلزال وكذلك في نيويورك بعد الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر.

ويوجد سببٌ نادرٌ لحدوث القرحة الهضمية وهو أحد أنواع السرطانات التي تُحرِّر هرمونًا يسمى غاسترين، والذي يسبب إنتاج كميَّة زائدة من الحمض (انظر مُتلازمة زولينغر إليسون).تكون أعراض القرحات السرطانية مشابهةً بشكلٍ كبيرٍ لأعراض القرحات غير السَّرطانيَّة.إلَّا أنَّ القرحات السرطانيَّة لا تستجيب بشكلٍ جيِّد عادةً للعلاجات المُستعملة في تدبير القرحات غير السرطانيَّة.

ويكون لدى حَوالى 50 إلى 60٪ من الأطفال المصابين بقرحات الاثناعشري تاريخٌ عائليٌّ للإصابة بداء القرحة الهضميَّة.

يمكن أن تختلف أعراض داء القرحة الهضميَّة باختلاف موضع القرحة وعمر الشخص.فمثلًا، بالنسبة إلى لأطفال وكبار السِّنِّ والأشخاص الذين حدثت عندهم القرحة نتيجة استعمال مضادات الالتهاب غير الستيرويدية، لا تكون لديهم الأعراض المعتادة أو قد لا يُعانون من أيَّة أعراض.وفي هذه الحالات، لا يُكتَشف وجود القرحة إلَّا عند ظهور المضاعفات.

العَرَض الأكثر شيوعًا لحدوث القرحة الهضميَّة هو:

• الشُّعور بألم خفيفٍ إلى متوسِّط الشِّدَّة في الجزء العلوي من البطن.

يُوصَف الألم عادةً بأنَّه وجعٌ قاضم وحارق أو تقرُّح أو ألم يكون شبيهًا بالإحساس بالجوع في بعض الأحيان وهو يتوضَّع في الجزء العلوي من البطن تحت عظم القصِّ مباشرةً عادةً.وهو يزول عادةً عند تناول الطعام أو استعمال مضادَّات الحموضة.تميل القرحة النموذجيَّة إلى الشفاء والعودة مرَّةً أخرى.وبالتالي، قد يستمرُّ الشعور بالألم لعدة أيام أو أسابيع، ثم يضعُف أو يختفي، ثم يعود مَرَّةً أخرى عند عودة القرحة.يقتصر ظهور الأعراض النموذجيَّة على حَوالى 50% من الأشخاص المصابين بالقرحة.

تميل أعراض قرحة الاثناعشري إلى أن تكون نوعيَّة.حيث لا يشعر الأشخاص بالألم عند استيقاظهم عادةً، ولكنَّ الألم يبدأ في وقت الضحى.يؤدي شرب الحليب أو تناول الطعام (الذي يمتصُّ حمض المعدة) أو استعمال مضادَّات الحموضة إلى تخفيف شدَّة الألم بشكلٍ عام، ولكنَّه يعود بعد ساعتين أو ثلاثة عادةً.ومن الشائع أن يؤدي الألم إلى إيقاظ الشخص خلال الليل.عادةً ما يحدث الألم مرة أو أكثر يوميًّا خلال فترةٍ تتراوح بين أسبوعٍ أو عدَّة أسابيع ثم يتلاشى دون علاج.إلَّا أنَّ الألم يتكرَّر عادةً خلال أول عامين من الإصابة غالبًا، وبعد عدَّة أعوام في بعض الأحيان.تحدث أنماطٌ من الحالة عند الأشخاص عادةً وهم يعرفون من خلال تجربتهم الموعد المحتمل لحدوثها (في الربيع أو الخريف أو خلال فترات الشِّدَّة النفسيَّة عادةً).

لا تكون أعراض القرحة المعديَّة والقرحة الهامشيَّة وقرحات الشِّدَّة مشابهةً لأعراض قرحة الاثناعشري، ولا تتبع لأيِّ نمط.قد يؤدي تناول الطعام إلى تخفيف شدَّة الألم مؤقَّتًا أو قد يتسبَّبَ بحدوثه بدلًا من تخفيفه.تُسبِّب قرحات المعدة في بعض الأحيان تندُّب وتورُّم الأنسجة (وذمة) المؤدِّية إلى الأمعاء الدقيقة، ممَّا قد يُعيق خروج الطَّعَام من المعدة بسهولة.قد يؤدي هذا الانسداد إلى حدوث تطبُّلٍ أو غثيانٍ أو قيء بعد تناول الطعام.

يمكن الشفاء من معظم القرحات الهضميَّة من دون حدوث مضاعفات.إلَّا أنَّ بعض حالات القرحة الهضميَّة قد تؤدي إلى حدوث مضاعفات مُهدِّدة للحياة، مثل:

• النَّزف (نَزف)

• النَّفاذ

• الانثقاب

• الانسداد (إحصار)

• السَّرطان

• التنظير العلوي

يشتبه الطبيب في وجود قرحةٍ عند شعور الشخص بألمٍ مُميَّز في المعدة.يوصي الطبيب في بعض الأحيان بكلِّ بساطةٍ باستعمال علاجٍ للقرحة لمعرفة ما إذا كانت الأعراض سوف تزول (يُسمِّى العلاج التَّجريبي empiric therapy).يؤدي زوال الأعراض إلى زيادة احتمال وجود إصابة بالقرحة.

قد يكون من الضروري إجراء اختباراتٍ لتأكيد التشخيص، وخصوصًا عند عدم زوال الأعراض بعد استعمال العلاج لبضعة أسابيع أو عند ظهورها للمرَّة الأولى عند شخصٍ يزيد عمره عن 45 عامًا أو عند شخصٍ يُعاني من أعراض أخرى مثل نقص الوزن، وذلك لأنَّ سرطان المعدة قد يُسبِّبُ أعراضًا مشابهة.كما أنَّ مقاومة القرحات الشديدة للعلاج وخصوصًا عند وجود عدَّة قرحات أو كانت القرحات موجودة في أماكن غير معتادة سوف تدفع الطبيب إلى الشكِّ بوجود حالة كامنة تُسبِّب زيادة إفراز الحمض من المعدة.

يقوم الأطبَّاء بإجراء تنظيرٍ علويٍّ (إجراءٌ يُستَعملُ فيه أنبوب معاينة مرن يُسمَّى المنظار الدَّاخلي) للمساعدة على وضع تشخيص القرحة وتحديد سببها.

يمكن للطبيب استئصال خزعة (استئصال عَيِّنَة نسيجيَّة لفحصها تحت المجهر) في أثناء التنظير لمعرفة ما إذا كانت قرحة المعدة سرطانيَّة وللمساعدة على تحديد وجود بكتيريا الملويَّة البوَّابيَّة Helicobacter pylori.كما يمكن استعمال المنظار الدَّاخلي لإيقاف النَّزف ولتقليل فرصة معاودة النَّزف من القرحة.

التنظير الدَّاخلي: معاينة المَ...

فيديو

تُجرى اختبارات دمويَّة لقياس مستويات الغاسترين عند الأشخاص الذين تُحتملُ إصابتهم بمُتلازمة زولينغر إليسون Zollinger-Ellison syndrome.

• المضادَّات الحيوية

• أدوية إنقاص الحمض

• مضادَّات الحموضة

• الجراحة في بعض الأحيان

نتيجةً لكون العدوى ببكتيريا الملوية البوابية هي السبب الرئيسي لحدوث القرحة، فإنَّ معالجة عدوى بكتيريا الملويَّة البوابيَّة الملوية البوابية تعتمد غالبًا على استعمال المضادَّات الحيويَّة بالتزامن مع تحت ساليسيلات البزموت ومثبط مضخة البروتون عند تشخيص العدوى (تُسمى المعالجة الرباعية).يمكن استعمال الكثير من المضادَّات الحيويَّة المختلفة، بما في ذلك أموكسيسيلين amoxicillin وكلاريثروميسين clarithromycin وميترونيدازول metronidazole وتتراسيكلين tetracycline.تشتمل بعضُ المُعالجَات على نوعين من المضادَّات الحيويَّة ومثبِّط لمضخة البروتون بدون تحت ساليسيلات البزموت (تسمى المعالجة الثلاثيَّة).

تمنع الأدوية الخافضة للحموضة إنتاج حمض المعدة.تشتمل الأدوية الأكثر استعمالًا لتقليل الحموضة على مثبطات مضخة البروتون وحاصرات الهيستامين 2 (H2) (انظر أيضًا الأدوية المستخدمة لعلاج حموضة المعدة).تعمل مثبطات مضخة البروتون على تعزيز التئام القرحة بنسبةٍ أكبر عند الأشخاص الذين يستعملونه لفترة زمنية أقصر مقارنةً بحاصرات مستقبلات H2، وبالتالي يُفضَّل استعمالها بدلًا من حاصرات مستقبلات H2 في علاج القرحة عادةً.

تعمل مضادَّات الحموضة، مثل السوائل أو الأقراص التي تحتوي على كربونات الكالسيوم أو مواد مماثلة؛ على معادلة حموضة المعدة دون أن تمنع إنتاجها.

يؤدي تعديل حموضة المعدة أو خفض كميَّة الحمض المُنتَج إلى تعزيز الشفاء من القرحة الهضمية بغض النظر عن سبب حدوثها .تستمرُّ فترة العلاج ما بين 4- 8 أسابيع عند معظم الأشخاص.ورغم أنَّ اتِّباع نظام غذائي خفيف قد يساعد على إنقاص الحمض، إلَّا أنَّه لا يوجد دليلٌ يدعم الاعتقاد بأن مثل هذه الأنظمة الغذائية تُسرِّع الشفاء أو تمنع عودة الإصابة بالقرحات.لكنَّه من المنطقي أن يتجنَّب الأشخاص تناولَ الأطعمة التي يبدو أنَّها تُفاقم الألم والتَّطبُّل.كما أنَّه من الضروري استبعاد استعمال مُهيِّجات المعدة المُحتملة، مثل مضادات الالتهاب غير الستيرويديَّة والكحول والنيكوتين.

ليس من الضروري إجراء عمليَّة جراحية لعلاج القرحة إلَّا في حالاتٍ نادرة نظرًا لقدرة الأدوية على معالجة القرحات الهضميَّة بشكلٍ فعَّال وللنجاح الكبير للتنظير الداخلي في إيقاف النَّزف النَّشِط.يُستَعملُ العلاج الجراحي بشكلٍ رَئيسيَ في تدبير مُضَاعَفات القرحة الهضميَّة، مثل:

• الاختراق

• الانسداد غير المُستجيب للأدوية أو المُعاود

• حدوث نوبتان شديدتان أو أكثر من نزف القرحات

• الاشتباه في أن تكون قرحة المعدة سرطانيَّة

• معاودة القرحات الهضميَّة الشديدة والمتكرِّرة

يمكن إجراء عددٍ من العمليات الجراحيَّة المختلفة لمعالجة هذه المُضَاعَفات.كما يمكن استعمال الجراحة لخفض إنتاج الحمض وضمان تصريف المعدة بشكلٍ صحيح.إلَّا أنَّ القرحات قد تعود بعد الجراحة، وقد يتسبَّبَ كلُّ إجراء بحدوث مشاكلَ خاصَّةٍ به، مثل نقص الوزن وسوء الهضم والتَّبرُّز المُتكرِّر (مُتلازمة الإغراق) وفقر الدَّم.

تكون فرصة عودة الإصابة بداء القرحة الهضميَّة أقل من 10% عند الأشخاص الذين عُولِجت عندهم عدوى الملويَّة البوَّابيَّة Helicobacter pylori بنجاح.إلَّا أنَّ داء القرحة الهضمية يعود عند أكثر من 50٪ من الأشخاص المصابين بالعدوى عندما يتم القضاء على عدوى الملوية البوابية.