أدوية علاج الاكتئاب

أصبحت مُثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية الصنف الدوائيّ الأكثر شُيُوعًا لمُضادَّات الاكتئاب حالياً،وهي فعالة في مُعالَجَة الاكتئاب فضلا عن غيره من اضطرابات الصحة النفسية التي غالبًا ما تترافق مع الاكتئاب.

على الرغم من أنَّ مُثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية يُمكن أن تُسبب الغثيان والإسهَال والارتعاش ونقص الوزن والصُّدَاع، تكون هذه التأثيرات الجانبية خفيفةً عادةً وتزول مع الاستمرار في استخدام هذه الأدوية.يتحمَّل مُعظم الأشخاص التأثيرات الجانبية لمُثبِّطات استرداد السيروتونين الانتقائية بشكلٍ أفضل من التأثيرات الجانبية لمُضادَّات الاكتئاب مُتغايرة الحلقات.كما أنَّ مُثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية هي أقلّ ميلًا لأن تُؤثِّر في القلب بشكلٍ سلبيّ بالمُقارنة مع مُضادَّات الاكتئاب مُتغايرة الحلقات،

ولكن قد يبدو عدد قليل من الأشخاص مُهتاجين بشكلٍ أكثر ومُكتئبين وقلقين خلال الأسبوع الأول من بعد البدء بأخذ مُثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية أو عندما تجري زيادة الجرعة.قد يزداد الميل نحو الانتحار عند هذه الشريحة من الأشخاص، خُصوصًا الأطفال والمراهقين، وذلك إذا لم يجرِ التحري عن هذه الأعراض ومُعالجتها بسرعة.يجب تحذير المرضى الذين يأخذون مُثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية ومن هم مقرَّبون منهم حول هذا الاحتمال والطلب منهم الاتصال بالطبيب إذا تفاقمت الأعراض مع المُعالَجة،ولكن نظرًا إلى أنَّ الأشخاص الذين يعانون من اكتئاب غير مُعالَج يقومون بالانتحار أيضًا في بعض الأحيان، ينبغي على الأشخاص والأطباء الموازنة بين هذا الخطر والخطر المترافق مع الأدوية الموصوفة.

كما أنَّ استخدام مُثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية على المدى الطويل قد يُؤدِّي إلى تأثيرات جانبية إضافيَّة، مثل اكتساب الوزن وضعف الانتصاب (عند 33% من الأشخاص).تُسبب بعض مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية، مثل فلوكستين، نقصًا في الشهية.في أثناء الأسابيع القليلة الأولى من بعد البدء في استعمال مُثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية، قد يشعر الأشخاص بالنعاس في أثناء النهار، ولكن هذا التأثير يكون مؤقتًا.

قَد يُؤدِّي التوقُّف عن أخذ بعض مُثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية بشكلٍ مُفاجئٍ إلى مُتلازمة الانقطاع discontinuation التي تنطوي على الدوخة والقلق والتهيُّج والتعب والغثيان والقشعريرة وآلام العضلات.

إذا كانت المرأة حاملاً، سوف يناقش الطبيب مخاطر وفوائد استخدام مُثبِّطات استرداد السيروتونين الانتقائيَّة، إذا كانت الحاجة إليها لا تزال قائمة.ومع ذلك، لا ينبغي استخدام الباروكستين لأنه قد يسبب عيوبًا قلبية.

تكون الأصناف التالية من مضادَّات الاكتئاب فعَّالة وآمنة مثل مُثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية وتُؤدِّي إلى تأثيراتٍ جانبية مُتشابهة:

• مثبطات استرداد النورإبينفرين والدوبامين (مثل بوبروبيون)

• مُحوِّلات السيروتونين (مثل ميرتازابين mirtazapine و ترازودون trazodone)

• مثبطات استرداد السيروتونين والنورإيبينفرين (مثل فينلافاكسين venlafaxine ودولوكسيتين duloxetine)

قد يُؤدِّي البدء في استخدام مُضادَّات الاكتئاب الحديثة لأوَّل مرَّة، مثلما هُو الحال بالنسبة إلى مُثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية، إلى زيادةٍ مؤقتة في خطر الانتحار، وقد يُؤدِّي التوقُّف فجأةً عن استخدام مُثبطات استرداد السيروتونين-نورأبينفرين إلى مُتلازمة الانقطاع (discontinuation syndrome).

تختلف التأثيرات الجانبية الأخرى باختلاف الدواء (انظر الجدول الأدوية المستعملة في علاج الاكتئاب).

كانت مضادَّات الاكتئاب مُتغايرة الحلقات تُعدُّ المُعالجة الرئيسية في السابق، ولكن أصبح استخدامها قليلًا في أيامنا هذه وذلك لأنَّ تأثيراتها الجانبية أكثر من مُضادَّات الاكتئاب الأخرى،فهي غالبًا ما تُسبب النعاس وتُؤدِّي إلى اكتساب الوزن،كما يُمكن أن تُؤدِّي أيضًا إلى زيادة معدل نبضات القلب وانخفاض ضغط الدَّم عندما ينهض الشخص (تُسمَّى الحالة نقص ضغط الدَّم الانتِصابيّ orthostatic hypotension).تنطوي التأثيرات الجانبية الأخرى والتي تُسمَّى تأثيرات مُضادَّات الكولين على تغيُّم الرؤية وجفاف الفم والتخليط الذهنيّ والإمسَاك وصعوبة البدء بالتبوُّل.تكون تأثيرات مُضادات الكولين أكثر شدَّة عند البالغين الأكبر سنًا غالبًا.

قد يُؤدِّي التوقُّف فجأة عن استخدام مضادَّات الاكتئاب مُتغايرة الحلقات إلى مُتلازمة الانقطاع، وذلك مثلما يحدث عند التوقف فجأة عن استخدام مُثبطات استرداد السيروتونين الانتقائيَّة.

مثبطات أكسيداز أحاديّ الأمين فعالة جدًّا ولكن من النادر أن يصفها الأطباء إلا إذا كانت مُضادَّات الاكتئاب الأخرى غير فعَّالة.ينبغي على المرضى الذين يستخدمون مثبطات أكسيداز أحاديّ الأمين أن يمتنعوا عن تناول عدد من المواد الغذائية وأن يتّخذوا إجراءات وقاية خاصَّة لتجنُّب تفاعلات دوائية خطيرة تنطوي على ارتفاعٍ مفاجئ وشديدٍ في ضغط الدّم مع صُداعٍ شديدٍ نابضٍ (نوبة فرط الضغط hypertensive crisis)،حيث يُمكن أن تُسبب هذه النوبة السكتةَ.تنطوي إجراءات الوقاية على:

• تجنُّب الأطعمة والمشروبات التي تحتوي على التيرامين tyramine، مثل البيرة غَير المُعبَّأة في قوارير أو علب والنبيذ الأحمر (بما في ذلك نبيذ شيري الاسبانيّ) والمشروبات الكحولية والأطعمة فائقة النضج والسلامي (نوع من السجق) والجبنة المعتَّقة والفول المدمَّس أو الفول الأخضر وخُلاصة الخمائر (المارمايت marmite) والتين المُعلَّب والزبيب والزبادي والجبن والقشدة الحامضة والرنجة المُملَّحة والكافيار والكبدة واللحوم التي جرى تليينها بشكلٍ كبيرٍ وصلصة الصويا

• تجنُّب تناوُل السُّودوإيفيدرين pseudoephedrine الذي تحتوي عليه أنواع عديدة من أدوية السعال والزكام التي تُباع من دُون وصفةٍ طبيةٍ

• تجنُّب تناول ديكستروميتورفان (دواء للسعال)، أو ريسربين (دواء خافض لضغط الدم)، أو ميبيريدين (دواء مُسكِّن)

• الاحتفاظ بترياق في جميع الأوقات، مثل أقراص الكلوربرومازين chlorpromazine، وإذا حدث صداع شديد نابض، يبنبغي أخذ الترياق فوراً والتوجه إلى أقرب عيادة للطوارئ

كما ينبغي على المرضى الذين يأخذون مُثَبِّطات أُكسيدازِ أُحادِيِّ الأَمين تجنُّب أخذ أنواع اخرى من مُضادَّات الاكتئاب أيضًا، مثل مضادَّات الاكتئاب مُتغايرة الحلقات ومُثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية ودواء بوبروبين ومُحوِّلات السيروتونين ومُثبطات استرداد السيروتونين والنورإبينفرين.يُمكن أن يُؤدِّي أخذ مُثَبِّطات أُكسيدازِ أُحادِيِّ الأَمين مع دواء آخر من مُضادَّات الاكتئاب إلى ارتفاعٍ خطير في حرارة الجسم وتفكُّك بروتينات العضلات breakdown of muscle والفشل الكلويّ والاختلاجات.يُمكن أن تكون هذه التأثيرات التي تُسمَّى المُتلازمة الخبيثة للدواء المُضادّ للذهان قاتلةً.

قد يُؤدِّي التوقُّف فجأة عن استخدام مضادَّات الاكتئاب مُتغايرة الحلقات إلى مُتلازمة الانقطاع، وذلك مثلما يحدث عند التوقف فجأة عن استخدام مُثبطات استرداد السيروتونين الانتقائيَّة.

أغوميلاتين هو مضاد للاكتئاب ذو مفعول ميلاتونيني يُنبِّه مستقبلات الميلاتونين، ويستخدم لعلاج نوبات الاكتئاب الرئيسية.تكون له فَوائد عديدة:

• يترك تأثيرات جانبية أقلّ من مُعظم مُضادَّات الاكتئاب،

• لا يُسبب النعاس النهاري، أو الأرَق، أو زيادة الوزن.

• وهو لا يسبِّب الإدمان ولا يُسبب أعراضًا انسحابية.

يمكن لدواء أغوميلاتين أن يُسبب الصُّدَاع، والغثيان، والإسهَال.كما قد يزيد من مستويات إنزيمات الكبد، ولذلك يقيس الأطباء مستويات هذه الإنزيمات قبل البدء بالمُعالَجة وبمعدل مرة كل 6 أشهر بعد ذلك.يجب على الأشخاص الذين يعانون من مشاكل كبدية عدم استعمال أغوميلاتين.

الكيتامين هو مادة مخدرة.ولكن، توصَّل الباحثون إلى أن آليات الدماغ التي تتأثَّر بالكيتامين تُمارِسُ دورًا في الاكتئاب، وأنَّه عندَ إعطاء هذا الدواء بجرعاتٍ لا تسبب التأثير المخدر (أقل)، يمكن أن يُؤدي إلى تحسنات سريعة مع أنَّها مُؤقَّتة في الأعراض الاكتئابيَّة.يتوفر الإسكيتامين أيضًا، وهو شكل من أشكال الكيتامين، للأشخاص الذين يعانون من اضطراب الاكتئاب الكبير ولم يستجيبوا للعلاجات التقليدية.وهو يُعطى على شكل رذاذ أنفي.ويُستَعملُ بجرعاتٍ منخفضة أكثر من تلك المُستَعملة في التخدير.

تقلّ أعراض الاكتئاب عند معظم الأشخاص الذين يستعملون كيامين أو إسكيتامين، وذلك في غضون 3 إلى 4 ساعات.وهذه استجابة سريعة جدًّا مقارنةً باستجابة معظم الأدوية المُضادَّة للاكتئاب والتي يمكن أن تستغرق عدة أسابيع حتى تكون فعَّالة.في معظم الحالات، يبدأ تأثير الكيتامين أو الإسكيتامين بالتراجع خلال فترة تتراوح بين أسبوع إلى أسبوعين.كثيرًا ما يكون من المفيد تكرارُ الجرعة كل أسبوع أو نحو ذلك، ولكنَّ قد يتوقف مفعول ذلك بعد بضعة أشهر، على الرغم من أنَّ عددًا قليلًا من الأشخاص يمكنهم المحافظة على تحسن حالاتهم من خلال مُعالجة واحدة في الشهر.

قد تحدث تأثيرات جانبية في غضون ساعة إلى ساعتين، بما في ذلك ارتفاع ضغط الدم والغثيان والتقيُّؤ والتأثيرات النفسية، مثل شعور الأشخاص بالانفصال عن أنفسهم (الغُربَة عن الواقع derealization)، وعدم إدراك الزمان والمكان distortion وحدوث هلاوس.يَجرِي إِعطاءُ هذه الأدوية عادة في عيادة الطبيب أو في العيادة في المستشفى بحيث يمكن للأطباء مراقبة التأثيرات الجانبية عندَ الشخص لبضع ساعات، ولأن الكيتامين قد يُسبب الإدمان ويُساء استعماله في بعض الأحيان.

يجري استخدام المُنبِّهَات النفسيةأحيانًا، مثل ديكستروأمفيتامين وميثيلفينيدات، بالإضافة إلى أدوية أخرى وذلك مع مُضادَّات الاكتئاب غالبًا.تُستَخدَمُ المنبِّهَات النفسية لزيادة التيقُّظ والإدراك.

تُستخدَم نبتة سانت جون، وهي من المُكمِّلات الغذائية العشبية، للتقليل من الاكتئاب الخفيف أحيانًا، على الرغم من أنَّه لا يُوجد دليل على فعَّاليتها،ونظرًا إلى التفاعلات الدوائية الضارَّة المُحتَملة بين نبتة سانت جون والعديد من الأدوية التي يصفها الأطباء، يحتاج الأشخاص الذين يهتمَّون بأخذ هذا المُكمِّل العشبيّ إلى استشارة الطبيب حول تفاعلاته الدوائية المُحتَملة.