اضطرابُ تبدُّد الشخصيَّة/تبدُّد المُحيط

غالبًا ما يظهر اضطرابُ تبدُّد الشخصية/الغُربَة عن الواقِع أو تبدُّد المُحيط في الأشخاص الذين يعانون من التوتُّر الشديد، بما في ذلك ما يلي:

• الاضطهاد العاطفي أو الإهمال خلال مرحلة الطفولة

• الاعتداء الجسدي

• التعرُّض لحوادث العنف المنزلي أو مشاهدتها

• إصابة أحد الوالدين بإعاقة شديدة أو مرض نفسي شديد

• وفاة غير متوقعة لشخص عزيز

ويمكن أن تظهرَ الأَعرَاض بسبب الشدَّة الشديدة (على سبيل المثال، بسبب العلاقات أو الأمور الماليَّة أو العمل)، أو الاكتئاب، أو القلق، أو استخدام العقاقير غير المشروعة.ولكن، في بعض الحالات، تكون أسباب الضغوط طفيفة نسبيًا أو لا يمكن تحديدُها.

قد تبدأ أعراضُ اضطراب تبدُّد الشخصيَّة / تبدُّد المحيط تدريجيًا أو فجأة.وقد تستمرّ العوارضُ لساعات أو أيام فقط، أو لأسابيع أو شهور أو سنوات.ويمكن أن تنطوي النَّوبَات على تبدُّد الشخصيَّة أو تبدُّد المحيط أو كليهما.

وتتناوب شدة الأَعرَاض في كثير من الأحيان ما بين زيادةٍ ونقصان.ولكن، عندما يكون الاضطرابُ شديدًا، قد تكون الأَعرَاض موجودة وتبقى بنفس الشدَّة لسنوات أو حتى عقود.

تنطوي أعراضُ تبدُّد الشخصية على

• الشعور بالانفصال عن جسد الفرد أو عقله أو مشاعره أو أحاسيسه

كما قد يقول المرضى أيضًا إنَّهم يشعرون بأنَّهم غير واقعيين أو بما يشبه الآلة، مع عدم السيطرة على ما يفعلون أو يقولون.وقد يشعرون بالخدَر النفسي أو الجسدي.ومثلُ هؤلاء الأشخاص قد يصفون أنفسَهم بصفة مراقب الخارجي لحياتهم الخاصة أو "بالميت الذي يمشي".

أمَّا أعراضُ تبدُّد المُحيط فتنطوي على:

• الشعور بالانفصال عن الأشيَاء المُحيطَة (الناس، الأشياء، أو كل شيء)، والتي تبدو غيرَ واقعيَّة

كما قد يشعر المرضى وكأنَّهم في حلم أو في ضباب، أو كما لو أنَّ جدارًا زجاجيًا أو حجابًا يفصل بينهم وبين محيطهم.ويبدو العالم بلا حياة، أو بلا لون، أو اصطناعيًّا.كما قد يبدو العالم مشوَّهًا لهم؛فعلى سَبيل المثال، قد تظهر الأشياء ضبابيَّة أو واضحة بشكل غير مألوف؛ أو قد تبدو مسطَّحة أو أصغر أو أكبر ممَّا هي عليه.ويمكن أن تبدو الأصواتُ أعلى أو ألينَ ممَّا هي عليه.وقد يبدو الوقت يسير بطيئًا جدًّا أو سريعًا جدًّا.

وتسبِّب الأَعرَاض انزعاجًا كبيرًا بشكلٍ دائمٍ تقريباً.ويجد بعضُ الأشخاص أنَّهم لا يطيقون أنفسهم.ويكون القلقُ والاكتئاب شائعين.يخاف كثيرٌ من الأشخاص من أن تكون الأَعرَاضُ ناجمةً عن ضَرَر في الدماغ لا رجعة فيه.كما يشعر كثيرون منهم بالقلق حول ما إذا كانوا موجودين بالفعل، أو يتحقَّقون مرارًا وتكرارًا لتحديد ما إذا كانت تصوُّراتهم حقيقيَّة.

يمكن أن تجعل الشدَّةُ وتفاقم الاكتئاب أو القلق، والمحيطات الجديدة أو مفرطة التنبيه overstimulating وقلَّة النوم، الأَعرَاضَ أسوأ.

وغالبًا ما تكون الأَعرَاض مستمرَّة.قد يكون لدى الأشخاص أعراض طوال الوقت، أو قد تأتي الأَعرَاض وتختفي لفترات أخرى لا تظهر فيها أعراض.

وغالبًا ما يجد الأشخاصُ صعوبةً كبيرة في وصف أعراضهم، وربَّما يخشون أو يعتقدون أنَّهم في طريقهم إلى الجُنون. ولكن، يبقى الأشخاصُ دائمًا على علم بأنَّ تجاربَهم الانفصاليَّة ليست حقيقية، بل هي مجرَّد وسيلة للتعبير عمَّا يشعرون.وهذا الوعيُ هو ما يفصل بين اضطراب تبدُّد الشخصية / تبدُّد المحيط والاضطراب الذُّهاني psychotic disorder؛الأشخاص الذين يعانون من اضطراب ذهاني مثل الفصام، أو لديهم أفكار لا تتفق مع الواقع، ولكنهم لا يدركون أنها مختلفة عن الأفكار المعتادة.

• تَقيِيم الطَّبيب استنادًا إلى معايير تشخيص نفسية نوعية

• في بعض الأحيان، تُجرى اختبارات طبية ونفسية لاستبعاد الأسباب الأخرى المُحتَملة.

يشتبه الأطباءُ في هذا الاضطراب على أساس الأَعرَاض:

• فالأشخاصُ يكون لديهم نوباتٌ من تبدُّد الشخصية أو تبدُّد المحيط، أو كليهما، تستمرّ لفترة طويلة أو تتكرَّر.

• يعرف الناس أن تجاربهم التفارقية ليست حقيقية (لديهم إحساس طبيعي بالواقع، وهي مقدرة تعرف باختبار الواقع).

• يشعر الأشخاصُ بالانزعاج الشَّديد من أعراضهم، أو أنَّ أعراضَهم تجعلهم غيرَ قادرين على الأداء في المواقف الاجتماعيَّة أو في العمل.

يُجرَى الفَحص السَّريري، والاختبارات أحيَانًا، لاستبعاد الاضطرابات الأخرى التي يمكن أن تسبِّب الأَعرَاض، بما في ذلك الاضطراباتُ النفسية الأخرى واضطرابات الصَّرع واضطراب استعمال المواد.ويمكن أن تشتمل الاختباراتُ على التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)، والتصوير المقطعي المحوسَب (CT)، وتخطيط كهربيَّة الدماغ (EEG)، واختبارات الدم والبول لتحرِّي استعمال العقاقير غير المشروعة.

كما يمكن أن تساعد الاختبارات النفسية والمقابلات المنظمة الخاصَّة، والاستبيانات، الأطباءَ على وضع التشخيص أيضًا.

• المُعالجة النفسيَّة

• الأدوية المضادة للقلق والاكتئاب أحيَانًا

قد يختفي اضطرابُ تبدُّد الشخصية / تبدُّد المُحيط من دون مُعالَجة.ولا يُعالَج المرضى إلاَّ إذا استمرَّ الاضطرابُ أو تكرَّر أو كان يسبِّب الضيق.يكون الناتريكسون، وهو حاصرة لمستقبلات الأفيون، مفيدًا أحيانًا أيضًا.

أظهرت عدة طرق للعلاج النفسي فعالية لدى بعض الأشخاص.وكثيرًا ما يرتبط اضطرابُ تبدُّد الشخصيَّة / تبدُّد المحيط مع اضطرابات الصحَّة النفسيَّة الأخرى (مثل القلق أو الاكتئاب) التي تتطلَّب العلاجَ.كما ينبغي أيضًا أن تعالج أيّة ضغوط أدَّت إلى ظهور الأعراض، أو قد ساهمت في حُدوث اضطراب تبدُّد الشخصيَّة / تبدُّد المُحيط.

وتشتمل الطرائقُ التي يمكن أن تفيد على ما يلي:

• يمكن أن تساعد الطرائقُ المعرفية في منع التفكير الوسواسي حول حالة غير حقيقية للوجود.

• يمكن أن تساعد الطرائقُ السُّلوكية الأشخاص على الانغماس في المهام التي تصرفهم عن تبدُّد الشخصية.

• تلجأ طرائقُ التأريض إلى استخدام الحواس الخمس (السمع واللمس والشم والتذوق والبصر) لمساعدة الأشخاص على الشعور بالارتباط أكثر بأنفسهم والعالم؛فعلى سبيل المثال، يجري تشغيلُ الموسيقى الصاخبة أو وضع قطعة من الجليد في اليد.وهذه الأحاسيسُ يصعب تجاهلها، ممَّا يجعل الأشخاص يدركون أنفسهم في اللحظة الراهنة.

• تركِّز طرائق التغيير النفسي على مساعدة الأشخاص على العمل من خلال الصراعات التي لا تطاق، والمشاعر السلبية، والتجارب التي يشعر الأشخاص أنَّهم يجب أن ينفصلوا عنها.

• يعلِّم تتبُّع وتحديد التفارق والوجدان لحظة بلحظة (التعبير الخارجي عن العواطف والأفكار) الأشخاص التعرُّف إلى مشاعر هذا التفارق.ويفيد هذا التعرُّف بعضَ الناس.كما تساعد هذه الطَّريقَة أيضًا الأشخاص على التركيز على ما يحدث في الواقع.

وقد استُخدمت أدوية مختلفة لعلاج اضطراب تبدُّد الشخصية / تبدُّد المُحيط، ولكن لم تثبت فعالية أي منها.ولكن، تساعد الأدوية المضادَّة للقلق والاكتئاب في بعض الأحيان، لاسيَّما من خلال تخفيف القلق أو الاكتئاب، حيث يوجدان في العديد من الأشخاص المصابين بتبدد الشخصية أو الغُربَة عن الواقِع وتبدُّد المُحيط.ولكنَّ الأدوية المضادَّة للقلق قد تزيد أيضًا من تبدد الشخصية أو الغُربَة عن الواقِع وتبدُّد المُحيط، لذلك يراقب الأطباء استخدامَ هذه العقاقير بدقَّة.قد يكون الناتريكسون مفيدًا أيضًا، وهو نوع من الأدوية التي تُعرف باسم حاصرات مستقبلات الأفيونات.

غالبًا ما تتحسن حالة المرضى المصابين باضطراب تبدد الشخصية/تبدد الواقع دون تدخل.الشفاءُ الكامل ممكن في كثيرٍ من الأشخاص، وخاصَّة إذا كانت الأَعرَاض ناتجة عن الضغوط التي يمكن التعامل معها خلال فترة العلاج.ولكن، هناك أشخاصٌ آخرون لا يستجيبون للعلاج بشكل جيِّد، ويصبح الاضطراب مزمنًا لديهم.وفي بَعض الأشخاص، يختفي اضطرابُ تبدُّد الشخصية / تبدُّد المحيط من تلقاء نفسه.

وقد تسبِّب الأَعرَاض، حتى تلك التي لا تزال قائمة أو تتكرَّر، مشاكلَ طفيفة فقط إذا كان الأشخاص يمكن أن يُبقوا عقولَهم مشغولة، ويركِّزوا على الأفكار أو غيرها من الأنشطة، بدلاً من التفكير بشعورهم الذاتي.ولكن، يصبح بعضُ الأشخاص عاجزين، لأنَّهم يشعرون بالانقطاع حتَّى عن أنفسهم والأشيَاء المُحيطَة بهم أو لأنَّ لديهم قلقًا أو اكتئابًا أيضًا.