الذئبةُ الحمامية المجموعيَّة Systemic lupus erythematosus هي اضطرابٌ التهابي مزمن في النسيج الضام مرتبط بالمناعة الذاتيَّة يمكن أن يشتل المفاصل والكلى والجلد والأغشية المخاطيَّة وجدران الأوعية الدَّمويَّة.
قد تحدث مشاكل في المَفاصِل والجهاز العصبي والدَّم والجلد والكلى والسَّبيل الهَضمِيّ والرئتين، وفي غيرها من الأنسجة والأعضاء.
تُجرَى فحوص دمويَّة، وفي بعض الأحيان اختبارات أخرى، لوضع التشخيص.
يحتاج جميعُ المصابين بالذئبة إلى استعمال هيدروكسي كلوروكين، كما يحتاج المصابون بالذئبة التي يستمرُّ تسبُّبها في حدوث الضرر (الذئبة النشطة) إلى الستيرويدات القشرية والأدوية الأخرى التي تثبِّط الجِهاز المَناعيّ.
تكون حوالى 70-90٪ من المُصابين بالذئبة من النساء في سنِّ الإنجاب، كما يمكن أن تُصيبَ الذئبة الأطفال (معظمهم من الفتيات) وكبار السن من الرجال والنساء، وحتى الأطفال حديثي الولادة.تحدُث الذئبة في جميع أنحاء العالم، ولكنها قد تكون أكثرَ شيوعًا بين ذوي البشرة السوداء والآسيويين أكثر من ذوي البشرة البيضاء.
يكون سببُ الإصابة بالذئبة مجهولًا عادةً.قد يؤدي استعمالُ بعض الأدوية (مثل هيدرالازين hydralazine وبروكايناميد procainamide، والتي تستخدم لعلاج أمراض القلب، وإيزونيازيد isoniazid الذي يستخدم لعلاج السل) إلى الإصابة بالذئبة في بعض الأحيان.تختفي الذئبة التي يكون سببُها استخدام عقار يُحرِّض على حدوثها بعد إيقاف استعماله عادةً.
يكون عددُ وتنوُّعُ الأجسام المضادة التي يمكن أن تظهر عند مرضى الذئبة أكبرَ من تلك تظهر في أيِّ اضطرابٍ آخر.يمكن لهذه الأجسام المُضادَّة أن تحدد الأَعرَاض التي تظهر في بعض الأحيان.ولكن، قد لا تكون مستوياتُ هذه الأجسام المضادة متناسبة دائمًا مع أعراض الشخص.
الذئبة الحُماميَّة القُرصِيَّة، التي تُسمَّى في بعض الأحيان الذئبة الحماميَّة الجلديَّة المزمنة، هي أحد أشكال الذئبة التي تقتصر الإصابة فيها على الجلد؛في هذه الحالة، يحدث طفحٌ جلديٌّ أحمر مدوّر ومرتفع، يتقدَّم في بعض الأحيان إلى حدوث فقدٍ قليلٍ للجلد مع تندُّب تساقط للشَّعر في المناطق المصابة.يتمركز الطفحُ الجلدي على مناطق الجلد المُعرَّضة للضوء، مثل الوجه وفروة الرأس والأذنين.يصيب الطفحُ الجلدي أو التَّقرُّحات الأغشية المخاطيَّة في بعض الأحيان، لاسيَّما في الفم.قد تتجلى مظاهرُ الذئبة المَجموعِيّة عندَ 10% من الأشخاص - مثل تأثيره في المَفاصِل والكليتين والدماغ.
الذئبةُ الحماميَّة الجلدية تحت الحادة Subacute cutaneous lupus erythematosus (SCLE) هي أحدُ أشكال الذئبة التي تُصيب الجلد غالبًا، مُسبِّبَةَ ظهور طفحٍ جلديٍّ متنوعٍ ومنتشر، يأتي ويذهب، وقد يتفاقم عندَ التَّعرُّض لأشعة الشمس.قد تتشكل بقعٌ حمراء حلقيَّة أو صدفيَّة الشَّكل على الذراعين والوجه والجذع.تختلف الذئبة الحماميَّة الجلدية تحت الحادّة SCLE عن الذئبة الحُماميَّة القُرصِيَّة DLE بأنَّه من النَّادر أن تتسبَّب تحت الحادَّة في حدوث تندُّب.يُعاني المرضى من التعب وآلام المَفاصِل عادةً، ولكن لا تحدث عندهم أضرار خطيرة تُصيبُ الأعضاء الداخلية عادةً كالتي يمكن أن تحدث في الذِّئبة الحُمَامِيَّة المَجمُوعِيَّة SLE.
أعراض الذئبة
تختلفُ أعراضُ الذئبة بشكلٍ كبير من شخص لآخر.يمكن أن تبدأ الأعراضُ فجأةً بالحمى، وهي تشبه العدوى المفاجئة؛أو قد تظهر الأعراض تدريجيًا على مدى أشهرٍ أو سنوات مع حدوث نوباتٍ من الحُمَّى (تُسمى نوبات احتدام) أو الشعور بالتَّوعُّك أو أيٍّ من الأعراض الموضحة لاحقًا وذلك بالتناوب مع فترات تكون الأعراض فيها غائبة أو خفيفة.يعاني معظمُ المصابين بالذئبة من أعراضٍ خفيفة تُصيبُ الجلدَ والمَفاصِل غالبًا.
يمكن أن يكونَ الصُّدَاع من نوع الشقيقة أو الصَّرَع أو الاضطرابات النَّفسيَّة الشديدة (الذهان) هي أولى المشاكل التي تُلاحظ.ولكن في النهاية، يمكن أن تُصيبَ الأعراض أيّ عضو.
مشاكلُ المَفاصِل
تحدُث أعراضُ المَفاصِل التي تتراوح ما بين آلام المَفاصِل المتقطعة (أوجاع المَفاصِل arthralgias) إلى الالتهاب المفاجئ في عدَّة مَفاصِل (التهاب المَفاصِل الحاد) عند حَوالى 90٪ من الأشخاص، ويمكن أن تحدث قبل سنوات من ظهور الأعراض الأخرى.وفي حالة المرض الطويل الأمد، قد يحدث تشوُّهٌ ورخاوة كبيران في المَفاصِل (الاعتِلال المَفصِلِيّ بحسب جاكود أو التهاب المفاصل)، ولكن ذلك نادر.غير أنَّ الالتهاب المَفصِلي يكون متقطعًا بشكلٍ عام، ولا يؤدي إلى تضرُّر المَفاصِل عادةً.
مشاكلُ الجلد والأغشية المخاطيَّة
ينطوي الطفح على الاحمرار الفراشي الشكل على الأنف والخدين (يدعى الطفح الجلدي الخدِّي أو الطَفَح الجلديّ الفَراشِيّ الشَّكل) وظهور تحدُّبات أو بقع بارزة على الجلد الرقيق ومناطق حمراء مُسطَّحة أو بارزة في المناطق المكشوفة من الوجه والرقبة وأعلى الصدر والمرفقين.يُعدُّ ظهور البثور وتقرحات الجلد (القروح) من الحالات النَّادرة، ولكن من الشَّائع حدوث التَّقرُّحات على الأغشية المخاطية، لاسيَّما على سقف الفم والجهة الدَّاخليَّة من الخدين وعلى اللثة وداخل الأنف.
يُعدُّ تساقطُ الشعر المُعمَّم أو البقعي (الثَّعلبة alopecia) من الحالات الشائعة خلال النوبات.
كما قد تظهر مناطق مُبقَّعة حمراء على جانبي الراحتين وأعلى أصابع اليدين، وكذلك احمرار وتورُّم في محيط الأظافر، وبُقع أرجوانية مُحمرَّة مسطَّحة بين مفاصل الأصابع (البراجِم) على الأسطح الداخلية للأصابع.يمكن أن تظهر بقع أرجوانية (فرفرية) بسبب حدوث نزف في الجلد نتيجةً انخفاض مستويات الصفيحات الدَّمويَّة في الدَّم.
تحدث حالات طفح جلدي طويلة الأمد ناجمة عن التعرض لأشعة الشمس (حساسية للضوء) عند بعض الأشخاص المصابين بمرض الذئبة، وخصوصًا الأشخاص من ذوي البشرة الفاتحة.
© Springer Science+Business Media
© Springer Science+Business Media
تكون أصابع اليدين والقدمين عند الأشخاص المصابين بالذئبة والذين يُعانون من مُتلازمة رينو شاحبة أو مُزرقَّة عند تعرُّضها للبرد؛
مشاكلُ الرئة
يُعدُّ شعور المصابين بالذئبة بالألم عند التنفس العميق من الحالات الشَّائعة.وينجم الألم عن الالتهاب المتكرر في الكيس المحيط بالرئتين (التِهَاب الجَنبَة pleurisy)، مع وجود سائل أو من دونه (انصباب- انظر - أعراض الانصباب الجنبي) داخل هذا الكيس.وفي حالاتٍ نادرة، يحدُث التهاب الرئتين (اِلتِهَابٌ رِئَوِىّ ذئبي) الذي يؤدي إلى حدوث عُسر التنفس، رغم أنَّه من الشَّائع حدوث شذوذات طفيفة في وظائف الرئة.ومن النَّادر حدوثُ نزفٍ مُهدِّدٍ للحياة في الرئتين.كما يمكن أن يحدث انسدادٌ في شرايين الرئة ناجمٌ عن جلطاتٍ دمويَّة (خُثار thrombosis).
المشاكلُ القلبيَّة
يمكن أن يُعاني المصابون بالذئبة من ألم في الصدر ناجمٍ عن التهابٍ في الكيس المحيط بالقلب (التهاب التأمور).يُعدُّ الالتهابُ الوعائي في جدران الشرايين التاجية (التهاب الشريان التاجي coronary artery vasculitis) أشدَّ الآثار خطورةً على القلب، ولكنَّه نادر الحدوث، حيث يمكن أن يؤدّي إلى الإصابة بالذبحة و(التهاب عضلة القلب)، الذي قد يؤدي إلى فشل القلب.يمكن أن تكونَ صِماماتُ القَلب مُصابةً في حالاتٍ نادرة، وقد تحتاج إلى مُعالجتها جراحيًا.يكون المرضى مُعرَّضين لزيادة خطر الإصابة بداء الشَّرايين التَّاجيَّة.
يمكن أن يُولَدَ الرَّضيع الذي تكون والدته مصابةً بالذئبة ولديها نوعٌ معين من الأجسام المضادَّة (الأجسام المضادة لعامل Rho / SSA) مُصابًا بإحصار القلب.
مشاكلُ العُقد اللِّمفيَّة والطحال
تُعدُّ ضخامة العقد اللمفيَّة من الحالات الشائعة المنتشرة على نطاقٍ واسع، لاسيَّما بينَ الأطفال، والشباب، والأشخاص الأسود من جميع الأعمار.
يحدث تضخّم الطحال عند نَحو 10٪ من الأشخاص.
مشاكلُ الجهاز العصبي
يمكن أن تتسبَّب إصابة الدِّماغ (الذئبة العصبية النفسية neuropsychiatric lupus) في الصداع أو اضطراب بسيط في التفكير أو تغيُّرات في الشخصية أو سكتة دماغيَّة، أو اختلاجات، أو اضطرابات نفسية شديدة (الذهان psychoses) أو حالة قد يحدث فيها عدد من التغيُّرات العضويَّة في الدماغ، مما يؤدي إلى حدوث اضطرابات مثل الخَرَف.كما يمكن أن تتضرَّرَ الأعصاب في الجسم أو الحبل الشوكي.
مَشاكلُ الكلى
قد تكون إصابة الكلى طفيفًة ومن دون أعراض، أو قد تكون متفاقمة، وقد تؤدي إلى الوفاة.وقد يُصابَ الأشخاص بفشلٍ كلويٍّ يتطلَّب غسل الكُلى.يمكن أن تُصابُ الكليتان في أيِّ وقت، وقد تكونان العضو الوحيد الذي يتأثَّر بالإصابة بالذئبة.النتائج الأكثر شيوعًا لحدوث خللٍ في وظائف الكلية هي ارتفاع ضغط الدَّم وظهور البروتين في البول الذي يؤدي إلى حدوث تورُّم (وذمة) في الساقين.
مشاكلُ الدَّم
يمكن أن تنخفض أعداد كُرَيَّاتُ الدَّم الحمر وكُرَيَّات الدَّم البيض والصُّفَيحات الدَّمويَّة.تُساعد الصُّفَيحاتُ الدَّمويَّة على تخثر الدَّم، لذلك قد يؤدي النقص الكبير في عددها إلى النزف.كما قد يتجلَّط الدَّم بسهولة شديدة لأسبابٍ أخرى، وهو ما يُفسِّر الكثير من المشكلات التي يمكن أن تُصيب الأعضاء الأخرى (مثل السَّكتات الدِّماغيَّة وجلطات الدَّم في الرئتين أو الإسقاط المُتكرِّر).
مشاكلُ السَّبيل الهَضمِيّ
يمكن أن يُعاني المرضى من غثيان وإسهال وإزعاج بطني غامض.وقد تكون هذه الأعراض إنذارًا بحدوث نوبة.يمكن أن يؤدي ضَعفُ وصول الدَّم إلى أجزاءٍ مختلفة من السَّبيلُ الهَضمِيّ إلى ألم شديد في البطن أو إلحاق الضَّرر بالكبد أو البنكرياس (التهاب البنكرياس) أو انسداد أو ثقب (انثقاب) في السَّبيل الهضمي.
مشاكلُ الحمل
تكون النساءُ الحوامل مُعرَّضاتٍ لخطرٍ أعلى من الطبيعي لحدوث الإسقاط miscarriage والإملاص stillbirth.تُعدُّ الهجمات من الحالات الشائعة في أثناء الحمل، وخصوصًا بعد الولادة مباشرة (انظر أيضًا الذئبة الحمامية الجهازية في الحمل).
ينصح الأطباء النساء بتجنب الحمل إذا لم يجرِ ضبط مرض الذئبة خلال الأشهر الستة السابقة لحدوثه.
تشخيص الذئبة
فحص الطبيب
الفحوص المخبريَّة
يشتبهُ الأطباءُ بالذئبة بشكلٍ رئيسي وفقًا الأعراض التي يعاني منها الشخص خلال الفحص السَّريري الشامل، لاسيَّما عند الشَّابات.
ويطلبون عددًا من الفُحوص المخبرية للمساعدة على تأكيد التَّشخيص.ورغم عدم وجود اختبار مخبري واحد يؤكد تشخيص الذئبة، إلا أنَّ الأطباء يوصون بإجراء هذه الفحوص لاستبعاد اضطرابات النسيج الضام الأخرى.ويعتمدون بعد ذلك في تشخيص الذئبة على جميع المعلومات التي يجمعونها، بما في ذلك الأَعرَاض ونتائج الفَحص السَّريري وجميع نتائج الاختبارات.يستخدم الأطباء هذه المعلومات لمساعدتهم على تحديد ما إذا كان الأشخاص يستوفون معايير محدّدة مُتَّبعة يجري استعمالها لتأكيد الإصابة بالذئبة؛إلَّا أنَّه ونتيجة المجال الواسِع للأعراض، قد يكون التمييزُ بين الذئبة والأمراض المماثلة ووضع التشخيص أمرًا صعبًا.
الفحوص المخبريَّة
رغم أنَّ نتائجَ فحوص الدَّم يمكن أن تساعد الأطباء على تشخيص الذئبة، إلا أنَّها لا تستطيع بمفردها تأكيد التشخيص النِّهائي للذئبة، لأنَّ الشذوذات التي يكتشفونها في بعض الأحيان تكون موجودة عند الأصحاء أو عند الذين يُعانون من اضطراباتٍ أخرى.
يمكن أن يكشف فحصُ الدَّم الأجسامَ المضادة للنوى ANA، التي توجد عند جميع المصابين بالذئبة تقريبًا؛إلَّا أنَّ هذه الأجسام المُضادَّة تظهر عندَ الإصابة بأمراضٍ أخرى أيضًا.وبذلك، إذا تمَّ اكتشاف أَضَدَادِ النَّوَى فإنَّه يُجرى فحص لأضداد الحمض النووري المزدوج الطاقة double-stranded DNA، بالإضافة إلى اختبار الأضداد المناعية الذاتية الأخرى (الأجسام المضادة الذاتية).يُعزِّز المستوى المرتفع لهذه الأجسام المضادة للحمض النووي الوراثي تشخيص الذئبة، ولكن لا توجد جميع هذه الأجسام المضادَّة عند جميع الأشخاص المُصابين بالذئبة.
كما تُجرى فحوصٌ دمويَّةٌ أخرى، مثل قياس مستوى بروتينات المتمّمة (بروتينات ذات وظائف مناعيَّّة مختلفة، مثل قتل الجراثيم)، للمساعدة على التنبُّؤ بنشاط ومسار المرض عندَ بعض الأشخاص.
ينبغي إجراء اختبارٍ للنساء المصابات بمرض الذئبة اللواتي يُعانين من حالات الإسقاط المتكررة، أو اللواتي عانَينَ من مشاكل في تجلُّط الدَّم من أجل تحرِّي أضدَّاد الشَّحميَّات الفوسفوريَّة.يُعدُّ هذا الفحص أساسيًّا عند التخطيط لاستعمال وسائل منع الحمل أو للحمل.كما يمكن لفحص الدَّم هذا، الذي يكتشف الأجسام المضادة للشَّحميَّات الفوسفوريَّة، أن يساعد على تحديد المعرضين لخطر الإصابة بجلطات الدَّم المتكررة.يجب على النساءُ الحاملات لأضدَّاد الشَّحميَّات الفوسفوريَّة تجنّب موانع الحمل الفموية المحتوية على الإستروجين، بل عليهنَّ اختيار وسائل أخرى لمنع الحمل.
كما قد تشير الاختبارات الدَّمويَّة إلى تعداد كريات دموية منخفض (فقر دم)، أو انخفاض تعداد كُريات الدَّم البيض أو عدد الصفيحات الدَّمويَّة.يخضع المرضى المُصابون بفقر الدَّم لفحص كومبس المباشر.يُجرى هذا الفحصُ للتَّحرِّي عن زيادة مقدار بعض الأضدَّاد المرتبطة بسطح خلايا الدَّم الحمراء، والتي يمكنها تخريب هذه الخلايا، ممَّا يؤدِّي إلى حدوث إصابة بفقر الدَّم.
تُجرى فحوصٌ مخبريَّةٌ إضافيَّة للتَّحرِّي عن وجود بروتين أو خلايا الدَّم الحمراء في البول (تحليل البول) أو عن ارتفاع الكرياتينين في الدَّم.تشير هذه النتائجُ إلى وجود التهاب في البنية التَّرشيحية (الكُبيبات) في الكلى، وهي حالةٌ تُعرَف بالتهاب كبيبات الكلى.يُجرِى فحصُ خزعةٍ من الكلية (استئصال نسيج لفحصه واختباره) في بعض الأحيان لمساعدة الطبيب على وضع خطَّة العلاج.ينبغي أن تُجرى للمصابين بالذئبة فحوصٌ دوريَّةٌ للتَّحقُّق من غياب الضرر الكلوي، حتَّى في حالة عدم ظهور أعراض (انظر اختبارات وظائف الكلى).
مآل الذئبة
يميلُ مرض الذئبة إلى أن يكون مزمنًا وناكسًا، وغالبًا ما يكون مع فترات خالية من الأعراض (فترات هدأة remissions) يُمكن أن تستمرَّ لسنوات.يمكن أن تحدثَ النَّوبات نتيجة التَّعرُّض لأشعة الشمس أو التقاط عدوى أو الخضوع لجراحة أو حدوث حمل.ينخفض مُعدَّل حدوث الهجمات عند النساء بعدَ انقطاع الحيض غالبًا.
يجري تشخيصُ إصابة الكثير من الأشخاص بالذئبة في وقتٍ مُبكِّر حيث تكون خفيفة الشِّدَّة مقارنةً بشدَّتها سابقًا، ويمكن معالجتها بشكلٍ أفضل.ونتيجة لذلك، يعيشُ أكثر من 95٪ من الأشخاص في معظم البلدان المتقدمة لمدة لا تقل عن 10 سنوات بعدَ وضع التشخيص.ولكن بسبب عدم القدرة على التَّنبُّؤ بمسار الذئبة، فإنَّ المآل يختلف إلى حدٍّ بعيد.إذا أمكن ضبط الالتهاب الأوَّلي، فإنَّ المآل على المدى الطويل يكون جيدًا عادةً.ويَحُدُّ الكشف والمعالجة المُبكِّران للضرر الكلوي من حدوث داء كلويّ شديد.ولكن، يواجه المصابون بالذئبة زيادةً في خطر الإصابة بمرض القلب.
علاج الذئبة
هيدروكسي كلوروكين Hydroxychloroquine (دواء مضاد للملاريا) لجميع الأشخاص
مضادَّات الالتهاب غير الستيرويدية لأعراض المَفصِل الخفيفة وتطبيق الرُّهيمات التي تحتوي على ستيرويدات قشريَّة للأعراض الجلدية الخفيفة
الستيرويدات القشرية والأدوية المُثبِّطة للمناعة والأدوية المُضادَّة للملاريا لعلاج الحالات الشديدة
تختلف المُعالجَة باختلاف الأعضاء المُصابة وشدَّة الالتهاب.ليس من الضروري أن تكونَ شدة تضرُّر الأعضاء في مرض الذئبة مماثلة لشدَّة الالتهاب؛فمثلًا، يمكن أن يحدث ضررٌ وتندُّبٌ دائم في الأعضاء نتيجة الإصابة بالذئبة النَّاجمة عن التهابٍ سابق.وقد يُشار إلى هذا الضرر بأنه "شديد"، حتى إذا لم تكُن الذئبة نشطة (أي أنها لا تسبب أيَّ التهاب أو ضرر إضافي في هذا الوقت).تهدف المعالجة إلى الحدِّ من نشاط الذئبة - أي خفض شدَّة الالتهاب الذي بدوره يجب أن يمنع حدوث أضرار جديدة أو أخرى.
يُعطى الدَّواءُ المضاد للملاريا هيدروكسي كلوروكين عبر الفم لجميع المصابين بالذئبة، بغضِّ النظر عمَّا إذا كان مرضهم خفيفًا أو شديدًا، لأنَّه يُقلل النَّوبات ويُنقص خطر حدوث الوفاة؛إلَّا أنَّه ينبغي تجنّب هيدروكسي كلوروكين عند الذين يعانون من عوز إنزيم غلوكوز-6-فوسفات دي هيدروجيناز G6PD deficiency (إنزيم G6PD هو إنزيم يحمي خلايا الدَّم الحمراء من بعض المواد الكيميائية السَّامَّة)، لأن الدواء يمكن أن يخرّب خلايا الدَّم الحمراء بسرعة.يجب أن يخضع الذين يستعملون هيدروكسي كلوروكين إلى فحوصٍ دوريَّة للعين، لأنَّ هذا الدواء يزيد بشكل طفيف من خطر حدوث ضرر في الجزء الخلفي من العين عندَ استعماله لعدّة سنوات.
الذئبة الخفيفة إلى المتوسطة
ليس من الضروري أن تكون المعالجة مُكثَّفة إذا لم تكُن الذئبة شديدة النشاط بحيث تُسبِّبُ ظهور أعراضٍ خفيفة في الجلد أو المفاصل.يمكن للأدوية المضادة للالتهاب غير الستيرويدية غالبًا أن تُخفِّفَ شدَّة ألم المفاصل، ولكن ينبغي تجنّب استعمالها عادةً لمُدَد طويلة دون انقطاع.تساعد مضادَّاتُ الملاريا، مثل هيدروكسي كلوروكوين hydroxychloroquine أو الكلوروكين chloroquine أو الكيناكرين quinacrine، على تخفيف شدَّة أعراض الجلد والمَفاصِل وتحدُّ من تكرار النوبات.
يجب على المرضى الذين يعانون من طفح جلدي أو قرحات البقاء بعيدًا عن ضوء الشمس المباشر وتطبيق واقيات الشمس القويَّة (مع عامل الوقاية من الشمس لا يقلّ عن 30) عندَ الخروج إلى الهواء الطَّلق.كما يمكن مُعالَجَة حالات الطفح الجلدي بتطبيق كريمات أو مراهم الستيرويدات القشريَّة corticosteroid.
يستدعي استمرار شدَّة الأعراض الجلديَّة، رغم تطبيق كريمات أو مراهم الستيرويد القشري وهيدروكسي كلوروكين، استعمال توليفةٍ من هيدروكسي كلوروكين وكيناكرين أو توليفةٍ من هيدروكسي كلوروكوين وميثوتريكسات أو استعمال موفيتيل ميكوفينولات أو أزاثيوبرين.كما يمكن إعطاء الأشخاص الذين يعانون من هجمات متكررة بيليموماب، وهو دواء يقلل من نشاط بعض خلايا الدم البيضاء التي تشارك في الاستجابة المناعية الذاتية عند الأشخاص المصابين بالذئبة.
الذئبة الشديدة
يُعالج المصابون بالذئبة الشديدة النشطة التي تصيب الكلى أو الدِّماغ أو تسبب نزفًا في الرئة على الفور، وذلك من خلال استعمال ميثيل بريدنيزولون عادةً (الستيرويد القشري) عبر الوريد (انظر الستيرويدات القشرية: الاستعمالات والتأثيرات الجانبية).ثم يُعطى الأشخاص الستيرويد القشري بريدنيزون بالفم.تختلف جرعةُ ومدة المُعالجة باختلاف الأعضاء المصابة.كما يجري استعمال دواء سيكلوفوسفاميد المُثبط للمناعة لتثبيط هجمة المناعة الذاتيَّة في الجسم.يُعدُّ موفيتيل ميكوفينولات Mycophenolate mofetil بديلًا شائع الاستعمال لعلاج الذئبة الشديدة التي تصيب الكلى، وذلك لأنَّه فعَّالٌ وأقل سُميَّةً من سيكلوفوسفاميد.كما تساعد أدوية أخرى مثبطة للمناعة مثل بيليموماب، أو فوكلوسبورين، أو أنيفرولوماب على تقليل أعراض الذئبة عند بعض الأشخاص.
يمكن للمرضى الذين وصلت إصابتهم الكلويَّة إلى مراحلها الأخيرة الخضوع لعملية زرع الكلى كبديلٍ لغسل الكلى.
يُعطى الذين يعانون من مشاكل معيَّنة في الدَّم جرعاتٍ معتدلة أو مرتفعة من الستيرويدات القشريَّة عن طريق الفم مع دواء مثبِّط للمناعة مثل آزوثيوبرين أو موفيتيل ميكوفينولات.قد يُستعمَل الغلوبيولين المناعي (مادة تحتوي على كميات كبيرة من الكثير من الأجسام المضادة) عبر الوريد.يمكن استعمال الدواء الكابت للمناعة ريتوكسيماب عند الأشخاص الذين لم يستفيدوا من تلك العلاجات.
قد يُعطى الذين يعانون من مشاكل في الجهاز العصبي دواء سيكلوفوسفاميد أو ريتوكسيماب عبر الوريد.
يُعطى الذين يعانون من جلطات الدَّم الهيبارين أو الوارفارين أو غيره من مضادَّات التخثُّر (أدوية تُسمَّى مُميِّعات الدَّم أحيانًا).
يلاحظ المصابون بالذئبة الشديدة غالبًا أنَّ أعراضهم قد تراجعت بعد انقضاء 4-12 أسبوعًا من المُعالجة.
المعالجة الدَّوائيَّة المستمرَّة (معالجة الصيانة)
حالما يجري ضبط الالتهاب الأوَّلي، يقوم الطبيب بتحديد أدنى جرعة من الستيرويدات القشرية والأدوية الأخرى التي تضبط الالتهاب (مثل الأدوية المُضادَّة للملاريا ومُثبِّطات المناعة)، والتي تكون ضرورية للحصول ضبط أكثر فعاليَّة للالتهاب على المدى الطويل.يجري خفض جرعة بريدنيزون تدريجيًّا عادةً عندما تُضبَطُ الأَعرَاض وتُظهِرُ نتائج الفحص المخبري حدوثَ تحسُّن.ويمكن أن تحدث انتكاسات أو نوبات خلال هذا الإجراء.وبالنسبة لمعظم المُصابين بمرض الذئبة، يمكن خفض جرعة بريدنيزون أو إيقافها.ونظرًا إلى أنَّ الاستعمال الطويل الأمد للجرعات المرتفعة من الستيرويدات القشريَّة يؤدي إلى ظهور عدد من التأثيرات الجانبيَّة، فإنَّ الذين يحتاجون إلى استعمال جرعاتٍ مرتفعة من الستيرويدات القشريَّة لمدّة طويلة يُعطَون دواءً بديلًا مثل آزاثيوبرين أو ميثوتريكسات أو موفيتيل ميكوفينولات.
وينبغي أن يُجريَ المرضى الذين يستعملون الستيرويدات القشرية فحوصًا دوريَّة، كما يجب معالجتهم عند الضرورة من (هشاشة العظام) التي يمكن أن تحدثَ نتيجة الاستعمال المزمن للستيرويدات القشريَّة.يمكن إعطاء الذين يستعملون جرعات مرتفعة من الستيرويدات القشريَّة لفترات طويلة مكمّلات الكالسيوم وفيتامين D والبيفوسفونات للمساعدة على الوقاية من هشاشة العظام حتى لو كانت كثافة عظامهم طبيعيَّة.
كما يُعطى الأشخاص الذين يستعملون أدويةً مُثبِّطة للمناعة للوقاية من الإصابة بحالات عدوى، مثل العدوى بفطر Pneumocystis jirovecii (انظر الوقاية من الالتهاب الرئوي عند الأشخاص الذين يعانون من نقص المناعة) واللقاحات المضادة لأنواع العدوى الشائعة مثل الالتهاب الرئوي، والأنفلونزا، وكوفيد-19.
حالاتٌ طبيَّة أخرى والحمل
يجب أن يخضعَ الأشخاص إلى مراقبةٍ دقيقة من قبل الطبيب اختصاصي بأمراض القلب.كما ينبغي ضبط ُعوامل الخطر الشائعة لمرض الشريان التَّاجي (مثل، ارتفاع ضغط الدَّم وداء السُّكَّري وارتفاع مستويات الكوليسترول) قدرَ المستطاع.
قد تكون الإجراءاتُ الجراحيَّة والحمل أكثرَ تعقيدًا عند المُصابين بالذئبة، ويحتاجون إلى إشرافٍ طبيٍّ دقيق.إذا كانت المرأة حاملًا، فيجب الاستمرار في استعمال هيدروكسي كلوروكين طيلة الحمل، وقد تُستعملُ جرعة منخفضة من الأسبرين أيضًا.كما يمكن إعطاء الحوامل المُعرَّضات لخطر تجلُط الدَّم الهيبارين heparin.ومن الشائع حدوثُ حالات إسقاط ونوبات خلال الحمل.
يجب على النساء تجنُُّب حدوث الحمل في أثناء النوبة.ونظرًا إلى أنَّ استعمالَ موفيتيل ميكوفينولات يُسبِّبُ عيوبًا خِلقيَّة، يجب على النساء الانتظار قبل أن يحملن حتى يتمَّ ضبط المرض بشكلٍ جيد لمدة 6 أشهر أو أكثر (انظر الذئبة في أثناء الحمل).يجري تحويلُ النساء اللواتي في مرحلة الهدأة ويُفكِّرن في الحمل، ولكنَّهنَّ بحاجة إلى الاستمرار في تناول أدوية الصيانة، من موفيتيل ميكوفينولات إلى أزاثيوبرين قبل 6 أشهر على الأقلّ من الحمل.
للمَزيد من المعلومات
يمكن للمصدر التالي باللغة الإنجليزية أن يكون مفيدًا.يُرجى ملاحظة أن دليل MSD غير مسؤول عن محتوى هذا المصدر.
المؤسسة الأمريكية لمرض الذئبة: يوفر معلومات حول التعايش مع مرض الذئبة ونتائج الأبحاث المستمرة حوله