داءُ باجيت الذي يصيب العظام هو اضطرابٌ مزمن في الهيكل العظمي حيث تحدث تقلُّبات غير طبيعية في مناطق من العظام، ممَّا يؤدي إلى تضخم العظام ورخاوتها.
يزداد معدَّلُ تخرُّب العظام وتشكُّلها، ممَّا يؤدِّي إلى ازدياد سماكتها، ولكن مع ضَعفها، بشكل غير طبيعي.
يمكن ألَّا تظهر أيَّة أعراض، أو قد تنطوي على الشعور بألمٍ في العظام وحدوث تشوهات وإصابةٍ بالتهاب المفاصل الروماتويدي وحدوث انضغاط عصبي مؤلم.
تُظهِرُ صورُ الأشعة السينية التشوُّهات العظميَّة عندَ وجودها.
يجري علاجُ الألم والمُضَاعَفات، ويمكن استعمالُ البيسفوسفونات.
يمكن أن يُصيب داءُ باجيت أيِّ عظم، ولكنَّ العظامَ الأكثر شُيُوعًا للإصابة به هي عظام الحوض والفخذ والجمجمة.تحدث الإصابة في عظام الظنبوب والعمود الفقري (الفقرات) والترقوة والجزء العلوي من عظم الذِّراع (العضد) بشكل أقل شيوعًا.
يُعاني حوالى 2 إلى 3٪ من الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 55 عامًا من هذا الاضطراب في الولايات المتحدَّة، ويزداد انتشارُه مع التقدم في السِّن.ولكن، يبدو أنَّ الانتشار العام لهذا الداء آخذٌ في التراجع.ويزداد احتمال إصابة الرجال بداء باجيت مقارنةً بالنساء.يكون هذا المرض أكثر شُيُوعًا في المملكة المتحدة وفي البلدان الأوروبية، بما في ذلك إسبانيا، وفرنسا، وإيطاليا، وكذلك في البلدان التي استوطن فيها المهاجرون الأوروبيون (مثل أستراليا، ونيوزيلندا، والولايات المتحدة، وكندا).يكون داء باجيت نادرًا في الدول الاسكندنافية وفي القارة الآسيوية.
أسباب داء باجيت العَظمي
في الحالة الطبيعيَّة، تعمل الخلايا التي تخرِّب العظمَ القديم (الخلايا الكاسرة للعظم osteoclasts) والخلايا التي تُشكِّل العظم الجديد (بانيات العظم osteoblasts) بشكلٍ متوازنٍ للمحافظة على بنية العظم وسلامته.ولكن، في داء باجيت، تحدث زيادةٌ كبيرةٌ في نشاط كلٍّ من كاسرات وبانيات العظم في بعض المناطق العظمية، ويزداد معدَّل تخرُّب العظم وإعادة بنائه (يُسمَّى إعادة تشكيل العظام) في هذه المناطق بشكلٍ كبير.وتتضخَّم مناطق فرط النشاط، ولكن رغم ذلك تكون بنيتها غير طبيعيَّة وضعيفة.
ولا تزال الإصابة بداء باجيت مجهولة السبب عند معظم الأشخاص.يميل الاضطراب إلى الانتقال وراثيًّا ضمن العائلات.تُسهمُ شذوذات جينيَّة نَّوعيَّة ومحدَّدة في إصابة نَحو 10٪ من المصابين بداء باجيت، وقد تُسهمُ شذوذات جينية أخرى في غيرها.كما تُشيرُ بعض الأدلَّة إلى وجود دورٍ محتمل لأحد الفيروسات.إلَّا أنَّه لا يوجد دليلٌ على أنَّ هذا الاضطراب ينتقل عن طريق العدوى.
أعراض داء باجيت العظمي
لا تُسبِّبُ الإصابة بداء باجيت ظهورَ أيَّ أعراضٍ عادةً.ولكن، قد يحدث شعورٌ بالألم في العظام أو ضخامة أو تشوُّه فيها.يمكن أن يكون ألم العظام عميقًا وموجِعًا، وشديدًا أحيانًا، وقد يتفاقمَ خلال الليل.ويمكن أن تؤدي ضخامة العظام إلى الضغط على الأعصاب، مؤدِّيةً إلى الشعور بالمزيد من الألم.وعندَ الإصابة بخشونة المفاصل، تصبح المفاصل مؤلمةً ومتيبِّسةً.
وتختلف الأَعرَاض الأخرى باختلاف العظام المصابة.
يمكن أن تتضخَّم الجمجمة، وقد يبدو الجبين والجبهة أكثر بروزًا (تُسمَّى الحالة الحَدَبة الجَّبهيَّة).يمكن أن يلاحظ الشخص حدوثَ هذه الضخامة عند حاجته إلى استعمال قبَّعةٍ أكبر.قد تؤدي ضخامةُ عظام الجمجمة إلى إلحاق الضرر بالأذن الداخلية (القوقعة)، ممَّا قد يُسبِّبُ ضَعفًا في السمع ودوخة.ويمكن أن تضغط عظام الجمجمة المتضخِّمة على الأعصاب مُسبِّبةً الصداع.كما قد تنتفخ أوردة فروة الرأس، ربَّما نتيجة زيادة جريان الدَّم عبرَ عظام الجمجمة.
DR P.MARAZZI/SCIENCE PHOTO LIBRARY
قد تبدو العظام في أعلى الذراع أو الفخذ أو ربلة الساق منحنيةً وأكثر ميلًا للكسر بسبب ضعف العظام النَّاجم عن داء باجيت.يمكن للفقرات أن تتضخَّم أو تنخمص أو أن تحدث الحالتين نتيجة ضَعف العظام المصابة بداء باجيت.يقد يؤدي ضعف الفقرات إلى حدوث نقصٍ في الطول أو حدوث وضعة التَّحدُّب أو انقراص أعصاب الحبل الشَّوكي، ممَّا يُسبِّبُ الألم أو الاخدرار أو الضَّعف.
DR P.MARAZZI/SCIENCE PHOTO LIBRARY
المُضَاعَفات
المُضَاعَفاتُ الأكثر شُيُوعًا لداء باجيت في العظام هي:
خشونة المَفاصِل (اضطراب في المَفاصِل)
تحدث خشونة المفاصل (الفُصال العظمي) عند نسبةٍ تصل إلى 50% من المصابين بهذا الدَّاء، وتحدث في المفاصل المتاخمة للعظم المُصاب.
تميل الكسور إلى أن تحدث بسهولةٍ أكبر في العظام المصابة لأنَّ هذه العظام تضعف بسبب داء باجيت.وتسمَّى هذه الكسورُ بالكسور المَرَضِيّة pathologic fractures.
قد يؤدي النموُّ المفرط للعظام إلى الضغط على الأعصاب والبُنى الأخرى التي تمرُّ عبر فتحاتٍ صغيرة.ويمكن أن تصبح القناة النخاعيَّة ضيِّقةً، وتضغط على الحبل الشوكي.
قد يحدثَ فشل القلب في حالاتٍ نادرة، نتيجة زيادة جريان الدَّم من خلال العظم المصاب، ممَّا يُشكِّل عبئًا إضافيًّا على القلب.ونتيجة لجريان الدَّم الزائد بشكل غير طبيعي عبر العظام المصابة، قد تنزف هذه العظام بغزارةٍ خلال الجراحة.يُصبح العظمُ المصاب سرطانيًّا عند نسبةٍ أقل من 1% من الأشخاص المصابين بهذا الداء.وتحدث عندَ الأشخاص، الذين يتحوَّل لديهم داء باجيت إلى سرطان العظام، الساركومة العظميَّة (ورم عظمي سرطاني) عادةً.
يمكن أن يحدث ارتفاع مستويات الكالسيوم في الدَّم (فرط كالسيوم الدَّم) في حالاتٍ نادرة جدًّا عند طريحي الفراش المصابين بداء باجيت.
تشخيص داء باجيت العظمي
التصوير بالأشعة السينية
اختبارات الدَّم
مسح أو تفرّس العظام
يُكتَشف داءُ باجيت عن طريق الصدفة عادةً، وذلك عند إجراء صور بالأشعة السِّينيَّة أو الفحوص المخبرية لأسبابٍ أخرى؛إلَّا أنَّه قد يُشتبه بتَّشخيص داء باجيت بناءً على الأَعرَاض والفَحص السَّريري.
يمكن تأكيدُ تشخيص داء باجيت في العظام بالأشعة السِّينيَّة التي تُظهر تشوُّهات مُميَّزة لداء باجيت وعن طريق اختبار معملي لتحديد المستويات الدَّمويَّة من الفوسفاتاز القلويَّة (إنزيم يشارك في تكوين العظام) والكالسيوم والفوسفات.
يُظهر مسح العظام (مسح بالنوكليدات المُشِعة باستعمال التكنيتيوم) العظامَ المصابة بالداء.
علاج داء باجيت العظمي
معالجة الأَلم والمُضَاعَفات
أدوية بيفوسفونات Bisphosphonates
يحتاج المصاب بداء باجيت إلى المعالجة عندما تتسبُّب الأعراض بالانزعاج، أو عند وجود خطرٍ كبيرٍ أو عند الاشتباه بحدوث مُضَاعَفات، مثل ضَعف السمع وخشونة المفاصل والتشوه.قد لا يحتاج الأشخاص الذين ليست لديهم أعراض إلى أيِّ علاج.
تساعد مسكِّنات الألم (المسكنات) الشَّائعة الاستعمال مثل الأسيتامينوفين ومضادَّات الالتهاب غير الستيرويديَّة على تخفيف ألم العظام.وقد يُفيدُ استعمال رافعات العقب عند حدوث تقوُّسٍ أو قِصَرٍ في إحدى الساقين في تسهيل المشي.من الضروري إجراء عمليَّة جراحيَّة في بعض الأحيان لتخفيف انقراص الأعصاب أو لاستبدال المفصل الذي أصبح ملتهبًا نتيجة الإصابة بداء باجيت.
البايفوسفونيت هي أدوية تثبط تقلب العظام ويمكن استخدامها لإبطاء تطور داء باجيت.يكون حمض الزوليدرونيك هو البيسفوسفونات المفضل.كما يمكن استعمال أدوية أخرى من البيفوسفونات كبدائل، مثل أليندرونات، و ريسيدرونات، و باميدرونات، و تيلودرونات، و إيتيدرونات.وتُستعملُ هذه الأدوية عبر الفم باستثناء دواءي باميدرونات وحمض الزوليدرونيك اللذين يُستعملان عبر الوريد عادةً.تُعطى هذه الأدوية لعلاج الألم الناجم عن داء باجيت وليس عن مصدر آخر، مثل خشونة المَفاصِل.كما تُوصف البيسفوسفونات أحيانًا في السيناريوهات السريرية التالية:
قبل جراحة العظام لمنع أو تقليل غزارة النزف خلال الجراحة
لمنع أو إبطاء تفاقم المُضَاعَفات (مثل ضَعف السمع أوتشوه العظام أو التهاب المفاصل أو الضَّعف أو الشلل)، وخصوصًا عندَ الذين لا يمكنهم الخضوع للجراحَة
معالجة الأشخاص الذين يكون مستوى الفوسفاتاز القلوية في الدَّم لديهم ضَعفي المستوى الطبيعي أو أعلى
يُستخدم الكالسيتونين كبديل عن البيسفوسفونات أحيانًا عند الأشخاص الذين لا يستطيعون استعمال البيسفوسفونات أو لا يتحملونها.يُحقَنُ الكالسيتونين تحت الجلد أو في العضل.
يُشجِّع الأطباء على القيام بتمارين حمل وزن الجِّسم (مثل الوقوف والمشي) ولا يشجعون الاستراحة المفرطة في السرير (ما عدا النوم في أثناء الليل).
نظرًا لإعادة تشكيل العظام بسرعة، فينبغي أن يتناول الأشخاص كميات كافية من الكالسيوم وفيتامين D في نظامهم الغذائي.يساعد فيتامين D الجسمَ على امتصاص الكالسيوم ودمجه في العظام (وهي عملية تُسمَّى تمعدن العظام).وغالبًا ما توجد ضرورةٌ لاستعمال فيتامين D ومُكمِّلات الكالسيوم؛وإلَّا فقد يكون تمعدن العظام سيِّئًا ويحدثُ ضَعف (تليُّن العظام osteomalacia) فيها.
مآل داء باجيت العظمي
يكون مآل المصابين بداء باجيت جيِّدًا جدًّا في كثيرٍ من الأحيان؛إلَّا أنَّه يكون سيِّئًا عند عددٍ قليلٍ من الذين يُصابوا بسرطان العظام.قد يعاني الذين يصابون بمضاعفات نادرة أخرى، مثل فشل القلب أو انضغاط الحبل الشوكي، من سوء المآل أيضًا، ما لم يكن علاج هذه المضاعفات ناجحًا وفي الوقت المناسب.